يعدمها، وكان يقال: من حسد إنساناً اغتابه، ومن قصر عن شيء عابه، ولذلك قيل: من جهل شيئاً عاداه، وقال مولانا عليه السلام: عداوة الجاهل للعلم على قدر انتفاعه به، قال الشاعر.
(وأطوع ما علِمت بظهر غيْب ... إلى ذكر العيوب ذَوُو العيوب)
فمن كانت هذه حاله كان اللبيب حقيقاً بترك الحفل به، وترك الاكتراث له.
وقد ذكرت في كتابي هذا جملاً من أقسام البيان، وفقرا من آداب حكماء أهل هذا اللسان؛ لم نسق المتقدمين إليها، ولكني شرحت في بعض قولي ما أجملوه، واختصرت في بعض ذلك ما أطالوه، وأوضحت في كثير منه ما أوعروه، وجمعت في مواضع منه ما فرقوه، ليخف بالاختصار حفظه، ويقرب بالجمع والإيضاح فهمه. وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.
وأما بعد: فإن الله عز وجل خلق الإنسان وفضله على سائر الحيوان، ونطق بذلك القرآن فقال عز من قائل: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا} وإنما فضله على سائر جنسه بالعقل الذي به فرق بين الخير