يجتمع له الناس طوعاً وكرهاً، وبهذا الأدب أدب الله سبحانه نبيه - صلى الله عليه وسلم - وبهذه السياسة أمره بأن يسوس أمته فقال: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ}. وينبغي للوزير أن يكون أشد الناس على الظالم من رعيته، وإن كبر عنده وخص بسلطانه حتى يقمعه، ويأخذ الحق منه، وألطفهم بالمظلوم منها، وإن صغر محله وخمل ذكره حتى ينصفه ويأخذ له بحقه. ومتى وجد الرعية على سبيل تحزب وتلفف وتجمع فرقهم وشردهم، ولم يدعهم وذلك في أمرهم، فإذا رآهم ينظرون في أمر الدين مع نقص عقولهم وبعد إقامتهم [نهاهم عنه]، ورضاهم مع ذلك عن أنفسهم. وإعجابهم برأيهم سبب لكل شر، وداعية إلى كف فساد وضر، ومتى حضروا لشهادة تبرعاً من غير أن يستدعوا، أو نصبوا أنفسهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير أن يأذن لهم في ذلك سلطانهم، وتشاغلوا بذلك من مهنهم وأسواقهم وتجاراتهم ورأوا الترؤس، ورفع من أرادوا، وحط من أرادوا نكّل بهم، وبولغ في معاتبتهم، ولم يرقهم السلطان ووزيره على ذلك من رأيهم وفعلهم، فقد روي عن أمير المؤمنين - عليه السلام - أنه استعاذ بالله من شرهم، فقال: "أعوذ بالله من قوم إذا اجتمعوا لم