انصرافه مع حسن لقاء الحاجب يقوم مقام وصوله وقضاء حوائجه، ثم متى وقف على أن حاجبه قد خالف وصيته، أو تعدى ما رسمه له، أو استعمل في إيصال الناس إليه أو حجبهم عنه ما يستعمله الناس في هذا الدهر من التقدمة من كرمهم ونفعهم، وتأخير من قبض يده عنهم ومنعهم أدبه وصرفه عن حجبته. فهذه جملة ما ينبغي للوزير أن يسوس بها خاصته.
معاملة الرعية:
وأما معاملته للرعية، فأصل ما تساس به الرعية العدل، وقد قيل: خير السلاطين أعدلهم على الرعية، وخير الرعية أصلحها على عدل السلطان. فإذا عدل الوزير فيهم، وقام بالقسط في كافتهم، فليجمع إلى عدله رأفة عليهم، وعفواً عن جاهلهم، وتبصيراً له، وشدة على مفسدهم وتقويماً له، وأن يخلط أمر اللين بالشدة، والرأفة بالغلظة، ليستقيم على كل واحد منهما من لا يستقيم إلا بذلك، فيصلح على الرأفة والرقة واللين أهل الحياء والفضل والدين، ويصلح على القسوة والغلظة والإبعاد أهل الجهل والشر والفساد. وقد قال صاحب المنطق: "الرياسة لا تقوم إلا بطريقين مختلفين، وذلك أن سفل الناس إنما يذعنون للسلطان بالخوف، فلابد من الشدة عليهم، وأما الأفاضل فيذعنون بالمحبة والرضا، فقد يحتاج السلطان إلى الرفق بهم حتى