يملكوا وإذا تفرقوا لم يعرفوا. وقال واصل بن عطاء: "ما اجتمعت العامة إلا ضرت، ولا تفرقت إلا نفعت" قيل: قد عرفنا مضرة اجتماعهم، فما منفعة افتراقهم؟ ! فقال: يرجع الطيان إلى تطيينه والحائك إلى حياكته، والفلاح إلى فلاحته فيكون ذلك مرفق المسلمين، ولهذا كانت الأكابر تمتحن العامة، من وجدته فارغاً أكسبته شغلاً، وجعلت له عملاً، لأن الفراغ مبعثة الفكر الرديئة، والهمم المنكرة، وفي العمل زوال هذه الفكر والشغل عنها ورفاهة العيش وحسن الحال، فالمكتسب الذي يستفاد بالعمل، وكان عمر بن عبد العزيز إذا نظر إلى الطغام والحشو من العوام قال: قبح الله هذه الوجوه التي لا ترى إلا عند كل شر. وتمثل المنصور وقد رأى جماعة منهم، وقد قفوا للنظر إليه في بعض أيام ركوبه فقال:

(كما قال الحمار لسهم رامٍ ... لقد جمعت من شتى لأمرٍ

(حديدة صيقل في عود نبعٍ ... ومتن خلالة وجناح نسرِ)

ثم أمر بتفريقهم فتفرقوا. وقال الكندي بغض العامة للسلطان كبغض الصبيان للمعلم، فليس ينبغي أن يجازيهم على ذلك بالبغض لهم، ولكن بالتأديب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015