يكون كاتب الوزير له فيما يجمل به أمله، ويزيل به عيباً إن لحقه.

وليس الكاتب أن يوقع توقيعاً، ولا أن يكتب كتاباً عن الوزير إلا بعد إذنه واستطلاع رأيه، إلا أن يكون قد فوض ذلك إليه، وأمره أن يوقع ويكتب عنه بما يراه. وعلى الوزير إذا فعل الكاتب جميع ما ذكرناه، ولزم ما وصفناه يكفيه مئونته، ويزيد على الكفاية بالإحسان إليه، والإفضال عليه، فإن الله - عز وجل - يقول: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} والحسنى المكافأة، والزيادة، هي الزيادة على الاستحقاق في المجازاة.

الحاجب:

وأما الحاجب فهو المؤتمن على الأعراض، وأداء الأمانة في الأعراض، أوجب منها في الأموال، لأن الأموال وقاية للأغراض، ولهذا نرى الأحرار يرضون بذهاب أموالهم، ويأنفون من أن ينالوا بضرر في أعراضهم. فكذلك ينبغي للوزير أن يجعل حاجبه من صح عقله وغريزته، وحسن خلقه ولانت كلمته، وأن يخظر استعمال المجازاة في الإذن عليه، أو الحجبة عنه، ويعرفه أنه قد ائتمنه على أعراض من يغشاه، وإنما أعراضهم أقدارهم، ويأمره أن يفرها عليهم، ويوفيهم حقوقهم، ولا يتجاوز بامرئ فوق حده، ولا ينقصه عن قدره، وأن يتوقى الجور في ذلك، فإنه متى رفع إنساناً فوق قدره وضع نظيره وظلم من فوقه، لأنه [إن] لم يرفع نظيره كما رفعه فقد وضع منه، وألحق من فوقه بمن لا يلحقه فقد ظلمه، ومتى وضع إنساناً دون قدره فقد ظلمه ووضع منه، ورفع نظرائه عليه؛ وأن يتلقى من يحجبه عنه بالعذر الموجب ذلك بالبشاشة واللطافة وإظهار الود، حتى يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015