وأما الكاتب فينبغي أن يكون مقبول الصورة، حسن الأدب، خفيف الظل، مفتنا فيما رسمناه من أبواب الكتابة، لحاجة الوزير إلى ملابسة جميع هذه الأبواب، والنظر فيها والاستعانة بالكاتب الذي بين يديه في جميعها، فإنما يظفر الوزير من الراحة بمقدار ما عند كاتبه من الكفاية، كما أن السلطان إنما يظفر من الراحة بمقدار ما عند وزيره منها، وعلى الكاتب الصبر على الملازمة والاجتهاد في النصيحة، والوفاء للوزير في حال الدولة والنكبة، والمواساة له بنفسه في حال اليسرة والعسرة، والرخاء والشدة، وكتمان أسراره وطي أخباره، ويزين أموره بكل ما يجد السبيل إليه، ومتى ظفر الناس بعيب من عيوب صاحبه اجتهد في ستر ذلك وتغطيته، والتأول فيه حتى يخرجه من العيب فيه، كما يحكى عن بعضهم وقد قال [له] بعض رسل الملوك إني رأيت في مذهبكم مساكين يشكون الجوع، ويسألون الناس في الطريق، فقد كان ينبغي لملككم أن يغنيهم عن ذلك، فقال له: إن ملكنا لرأفته برعيته ومحته لمنافعهم أغنى في رعيته قوماً في أموالهم حقوق لله - عز وجل - لا يستحقون من الله - عز وجل - التواب في الآخرة إلا بإخراجها، فلو أغنى المساكين لما وجد الأغنياء الذين في أموالهم الحقوق من يدفعون ذلك إليه، فكان يوابهم يبطل، فترك ملكنا هؤلاء المساكين على أحوالهم إنما هو لهذا المعنى، ولتعرض الأغنياء للثواب بمواساتهم، فتأول لملكه فيما عابه به رسول عدوه تأولاً حسناً أخرجه من العيب به، فلذلك ينبغي أن