يزدد الضرع مع الحلب إلى غزارة. وإذا صار المال إليه أحسن تقديره وابتدأ بإزاحة علل السلطان في نفقاته ومئونته، وجميع مصالحه، ثم ثنى بالأعمال (بين) الجند والحكام والكتاب والعمال وسائر الأولياء على طبقاتهم ومراتبهم فأزاح عللهم، ووقاهم حقوقهم، ثم قبض لنفسه، ولمن في جملته ما رسمه سلطانه له، ثم جعل ما يفضل من ذلك عدة لفتق ينفتق على المملكة من عدو محتاج إلى محاربته، أو فتق تدعو الضرورة إلى سده، أو بلد يطيف به العدو فيحتاج إلى تحصينه، أو ما أشبه ذلك.
الصدقة:
وأما الصدقة فأربعة أخماس: الخمس في الغنائم، فلا تقع في يده على شيء منها إلى ريثما يصرفه إلى أهله، ويفرقه في سبيله، وليجعل ما ينفقه أقل مما يجتنيه، فإنه متى كانت نفقة الإنسان أكثر من دخله عد فقيراً، والسلطان من أحوج الناس إلى ضبط ماله، وتقدير ما فيده وينفقه، فقد تكون الرعية بلا مال، ولا يكون السلطان بلا مال، وجماع أمر المال أربعة أشياء وهو:
فائدته من أجمل وجوهه، ثم حفظه، ثم تثميره، ثم إنفاقه فيما يعود بعاجل النفع وآجله، فمن أضاع شيئاً من هذه الاربعة الوجوه لم يستقم له أمر ماله، إن هعو لم يفد لم يكن له مال، وإن أفاد من الجهات المذمومة لم يكن ما يعتقده عوضاً من سوء الثناء وغليظ الجزاء، وإن أفاده من الجهات المحمودة، ثم لم يحفظ ما يفيده أو شك أن يبقى