ما فيه من العيوب، وليعلم أن كثيراً من الأعوان والعمال ربما تجمعوا عند السلطان لجمع المال وتوفيره، وركبوا في ذلك ظلم أهل الخراج فبالإغضاء لهم، والإحسان إليهم، والعدل عليهم يتوفر ماله، وبالتقصي عليم، والظلم لهم يكن ذهابه، فمن تزين عند سلطانه بما يخرب به مملكته ويفسد من أجله سلطانه، ويقرب إليه بعاجل يفسد به الآجل، فإن عقوبته الإبارة به، وقد كانت الأكاسرة تقتل أمثال هؤلاء، وتقطع أيديهم وأرجلهم، وتمثل بهم، وكان المأمون يقول: ما استغزر الفيء بمثل العدل، ولا استنزر بمثل الجور فمن وجد من عماله قد أتى من ذلك ما وصفناه، فإنما أتى بما يعود بالضرر على الكافة، وتنتقض به عرا المملكة، فليبالغ في عقوبته وتأديبه، ومن رآه مستقصياً لحقوق عمله من غير إضراب رعيته ولا تحيف لمن تحت يده، مؤثراً للعدل، عاملاً بما يعود بالعمارة وصلاح الأحوال، ورفاهة العيش، فليعلم إنما حلب حلباً للسلطان شطره، وعمل بما يعود عليه في سلطانه نفعه، فليحسن إليه، وليتبين جميل أثره عليه، فهذه جملة ما ينبغي للوزير أن يسوس به عماله.
فأما نظره في أمور الأموال، فهو أن يطالب منها بالواجب دون ما لا يجب، وألا يرهق الرعية في المطالبة بها بل يتحلبها، وقبل ميسورهم فيها، فإن ذلك أردم للأحوال، وأرجى للأموال، فقد نرى الحالب إذا ألح في الحلب انقطع اللبن، وإذا ترفق لم