فيباريه في إبلائه، ويسابقه إلى رضا سلطانه، ومتى أساء واحد منهم أو قصر تلقاه بالاستيعاب الرقيق، والاستصلاح الجميل من غير اعتبار ألته، ولا كف لغامض عورته، فإنه لا يصلحهم من لا يغضى عن فلتات زللهم، من حيث لا يملي لهم، ويزاد في احتمالهم، فيعود بذلك بتمرنهم على الخطأ، وتجرئتهم على ركوب الهوى، ولا يستفرغ وسعهم حتى لا يكون لهم جمام يمترى به نشاطهم، فيكل بذلك حدهم، ولا يزيد عليهم في ذلك حتى يصير فراغاًَ يدعوهم في ذلك إلى استعمال ما فيتنهم ويفسدهم، وألا يؤخر عنهم أطماعهم في وقت حلولهم ليقطع بذلك عذرهم، ويستقيم به أمرهم، وأن يقبض أيديهم عن ظلم الرعية وأخذ أموالها، والتنزل عليها، والتعرض لأولادها وحرمها، ويعرفهم إنما أقيموا لحماية الناس من مثل هذه الأحوال.
ثم متى ظهر أن أحدهم قد قارف شيئاً من ذلك، أو فعله أحسن تأديبه ليرتدع به غيره، ثم ليكن أول تدبره في حروبه حروبه كتمان سره وتحصينه من سائر أهل عسكره، حتى لا يقف له عدوه على خبر، [وعليه] بإذكاء العيون والجواسيس على عدوه، حتى لا يخفى عليه أثر، ثم ليجعل الحذر رأس مكيدته، ولا يغتر بضعف من عدوه، فإن صرعات الاغترار لا تستقال، وليستعد له بأكثر من قدره، فإنه إن لقيه صغيراً