وقد أعد له كثيراً لم يضره ذلك، وإن وقع الأمر بضد ذلك فلا خفاء بما يلحقه منه. ولينتهز الفرصة إذا أمكنته، فإنها تمر مر السحاب، كما قال أمير المؤمنين - عليه السلام -: "قلّ من ضيع فرصة قد أمكنته وأخرها حتى تفوته، فظفر بمثلها"، واعلم أن التأني عند إمكان الفرصة يعود من الضرر بمثل ما تعود به العجلة قبل إمكانها، وليأخذ بالأناة ما استقامت، ولا يعجل بمناجزة العدو ما وجد إلى الحيلة سبيلا، فإن أهنأ الظفر ما كان بالمخاتلة دون المخاطرة، وأحزم الناس من لم يلتمس من عدوه القتال، وهو يجد إلى غيره سبيلا، وقد قيل: إذا كان وزير السلطان من يأمره بالمحاربة فيما يقدر فيه على حاجته بالمسالمة، فهو أشد عداوة له من عدوه. ولا ينبغي أن يضجر بمطاولة عدوه، والإبطاء عن لقائه، حتى تمكنه الفرصة، وتبدو له العورة، وليكن الظفر بالطاعة أحب إليه من الظفر بالغلبة، فإن في ذلك وفور أصاحبه وسلامة دينه، وإذا ظهر على عدون، وضع أوزار الغضب عنهم، مع أوزار الحرب، وتبدل بالقسوة رحمة، فإنهم يصيرون حينئذ رعية بعد أن كانوا مقاومين. ولا يقاتل عدوه إلا بعد (الإعذار) إليه، وإقامة الحجة عليه، وتبصيره الخطأ فيما ركبه، فإن قبل وأناب سر برجوعه، وتقبل ذلك منه، وإن أبى وأصر وأقام على الشقاق حاربه؛ فإن كان العدو من المشركين فالسنة في قتاله بعد الدعاء والإعذار ألا يقبل منهم غير الإسلام، فإن اسلم وإلا قوتل حتى يقتل أو يظفر به، فإذا ظفر به كان الإمام بالخيار