رأفة لصاحبه، ولا تعطله رقة على مرتكبه، فإنه ليس بأرحم من الله - عز وجل - بعباده، ولا أولى بالتفضل عليهم، ولو علم الله - سبحانه - أن الصلاح في تعطيل الحدود ورحمة أهلها لما أمرنا بإقامتها، ولا قال: {وَلا تَاخُذْكُمْ بِهِمَا رَافَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ}، ولا قال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} ولا تحمله القسوة على أصحاب الحدود أو غيرهم من المفسدين على أن يزيد في حدودهم، أو يتعدى بهم أمر الله - عز وجل - فيهم، فإن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} وحسب الإنسان أن يقف حيث وقف به حكم الله، فلو علم الله - عز وجل - أن الزيادة في العقوبة على ما حد هو أروع لأهل المعاصي لزاد فيها.
وأقل الحد حد السكران، وهو أربعون جلدة، ثم إن عمر - رضي الله عنه - جعله، ثمانين، وعليه الناس في هذا الوقت، والسكران هو الذي لا يضبط نفسه ولا يحصل شيئاً من فعله وقوله؛ ثم حد القاذف وهو ثمانون، وإنما يجب على من قذف حراً أو حرين مسلمين، فإن قذف عبداً أو أمة أو مشركاً لم يكن عليه حد؛ ثم حد الزاني والزانية، وهو - إن كانا بكرين - جلد مائة وتغريب عام، وإن كانا ثيبين فجلد مائة، والرجم على قول أهل العراق، والرجم وحده على قول أهل الحجاز والشيعة. والبكر من الرجال الذي لا زوجة له، ومن النساء التي لا زوج لها، والثيب من الرجال من كانت له زوجة مسلمة، والثيب من كان لها زوج حر مسلم.
ثم حد السارق وهو القطع ليده اليمنى إذا سرق من حرز وبلغت