أحدهم معونة الحكام، وأصحاب المظالم والدواوين في حبس من أمروه بحبسه، وإطلاق من رأوا إطلاقه، وإشخاص من كاتبوه بإشخاصه، إخراج الأيدي أو إقرارها، والشد عليها ولذلك جعل له اسم المعونة؛ والآخر النظر في أمور الجنايات، وإقامة الحدود والعقوبات، والتفحص عن أهل الريب والعناد، والعبث والفساد، وقمعهم والأخذ على أيدي اللصوص والسرّاق، والمقامرين والفساق، وتعزيز من وجب تعزيزه منهم، وإقامة الحد على من استحق الحد منهم، وإنما اشتق له اسم الشرطة من زيه، لأن من زي أصحاب الشرطة نصب الأعلام على مجالس الشرطة، والأشرطة. الأعلام، ومنه قيل: أشراط الساعة أي أعلامها ودلائلها، فلما دل صاحب الشرطة على نفسه بالأعلام التي نصبها على موضع قعوده سمي بذلك. وشرطة الخميس الذين كانوا مع أمير المؤمنين - عليه السلام - من هذا اشتق لهم اسمهم، لأن الجيش الخميس، ولما شهروا أنفسهم من بين سائر الجيش بالتبع له، وبالقتال معه، وصاروا أعلاماً في ذلك قيل شرطة الخميس.
فينبغي لهذا الكاتب أن يجعل له مع المعرفة بأحكام الله - عز وجل - في الحدود الويات والخراج والجبايات الرقة على المستورين وذوي الهيئات، والحرص على سير المسلمين من أهل المروءات، فقد جاء: أقيلوا ذوي العثرات عثراتهم، وأن يكون العفو أحب إليه من العقوبة ما لم تقم بينة على حد، فقد جاء: "ادرأوا الحدود بالشبهات، فأما إذا قامت بينة على وجوب حد فينبغي أن يحرص على إقامته، وألا تأخذه