علمه بمذاهب الفقهاء وخلافهم عالماً بوجوه الكلام، مميزاً لما تحتمله الألفاظ الخواص والعوام، حتى يأتي في لفظه، ويعلم قوله بحراسة الشروط من الاشتباه في المعاني والاشتراك فيها، وذلك مثل استعمال كثير من أصحاب الشروط في موضع ذكر التسليم قولهم: بغير دافع ولا مانع، وظنهم أن غير لما كانت جحداً في بعض أحوالها أنها تقوم مقام لا، وليس الأمر كذلك، لأن لا حرف جحد، ولا يجوز أن ينصرف في معناه في هذا الموضع إلى معنى آخر، وغير قد تكون بمعنى الكثرة، فيقال: لقيت فلاناً غير مرة وجاءني غير واحد من أصحابنا، بمعنى لقيته أكثر من مرة، وجاءني أكثر أصحابنا، فإذا قلت: بغير دافع جاز أن يحتمل معنى القول أنك [تريد] أكثر من دافع، وإذا قلت: بلا دافع [لم يجز] شيئاً من ذلك، فإذا فهم هذا الاشتراك والاشتباه، [وأخرج لفظه عن التأويل والاشتباه] وأخرج لفظه عن التأويل والاحتمال، مع إخراجه إياه عن الحادث الذي يوجبه الفقه كان بالكفاية موصوفاً، وبالحذق في صناعته معروفاً، إن شاء الله تعالى.

كاتب صاحب المظالم:

وأما كاتب صاحب المظالم فهو مثل كاتب القاضي في جميع أوصافه وعمله بواجب الكلام وممتنعه ومحتمله، ومعرفة الشروط وما يوجبه الحكم فيها، غير أنه لا يحتاج إلى الكتب والشهادات لأنه لا يحكم بشيء يسجل به، وإنما إليه أن يخرج الأيدي الغاصبة، ويثبت الأيدي المالكة، ويلزم الناس الحقوق بالخبر الشائع والشهرة والاستفاضة وشهادة صلحاء المجاورين، وأهل الخير من المستوردين، وليس إليه تعديل شاهد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015