فقال: إذا أردت أمراً فتدبر عواقبه، فإن كان خيراً فامضه، وإن كان شراً فانته عنه، وأن يخزن كلامه إلا عند إصابة المواضع، فإنه ليس في كل حين يحسن الصواب. وإنما تمام الإصابة بإصابة الموقع، فإن أخطأه دخل على كلامه الهجنه ولم يبلغ به البغية، وألا يحضر كلاماً لم يحضره، ولا يدخل بين اثنين في شيء لم يدخل فيه، ولا يجيبن عن شيء لم يسأل عنه، وألا يجيب من خاصمه وأغضبه بجواب الغضب والشر، فإنه ربما ظهرت عليه عند الغضب أمارات تصدق عليه قول العائب له، ولكن ليكن جوابه بالحلم والوقار، فإن الغلبة للحليم، وليعلم أن جهل خصمه يبين عن فضله إذا لم يقابله، فقد قيل: لولا جهل الجاهل ما عرف عقل العاقل.
وقد قال أمير المؤمنين - عليه السلام - "الغالب بالشر مغلوب" وألا يتهاون بالكذبة تحفظ عليه في الجدر أو الهزل، فإنها سريعة في إبطال ما يأتي من الحق، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "إن الرجل ليكذب الكذبة فلا يزال بها حتى يصير عند الله كاذباً"، وإذا سئل غيره فلا يسلب الجواب منه، وإذا حدث أنصت لمحدثه، وإن كان يعرف الحديث فقد روي عن الأحنف:
تجنب في حديث جليسك ثلاثاً: الإعراض عنه، وسوء الاستماع