حضر: ما تعدون العي فيكم؟ قالوا: ما أنت فيه منذ اليوم.

وتكلم ابن السماك في قصصه فردد أشياء من مواعظه، فقالت له جاريته: لم تردد كلامك؟ فقال: ليفهمه من لا يفهمه، فقالت: إلى أن يفهمه من لم يفهمه [يكون] قد مله من فهمه؛ وألا يكون نزر الكلام فينسب إلى العي، ولا كثير الكلام فينسب إلى الهذر. بل يتوسط في منطقة، فإن خبير الأمور أوسطها، وإذا أعجبه الكلام فليصمت، وإذا أعجبه الصمت فليتكلم، فإن البركة في مخالفة الهوى، وأن يتجنب الأيمان في حديثه، فإنما يحمل الرجل على اليمين إحدى ثلاث خلال: إما مهانة يجدها في نفسه، وقد وصف الله - سبحانه - الحلاف بذلك فقال: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} أوعى في الكلام، فهو يجعل الأيمان حشواً له، أو تهمة ظهرت منه، فهو لا يثق من الناس بتصديقه إلا بعد اليمين، ولذلك قال بعض الأعراب في بعض ما تكلم به: والله فإنها مهانة أو فجور أي: بأن الإنسان لا يحلف بالله إلا من فجور قد ظهر منه فأحوجه إلى استعمال اليمين حتى يصدق، أو مهانة يجدها في نفسه، ولا يبتدي كلامه إلا بعد أن يتروى فيه، فإن الرجوع عن الصمت إلى الكلام، أحسن من الرجوع عن الكلام إلى بعد الشروع فيه.

وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أوصى رجلاً سأله أن يخصه بشيء من العلم، فقال له: أمستوص أنت؟ فقال نعم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015