صغر قاتله، وهو إنما أراد التقرب من قلب عبد الملك بتنقيصه وتصغير شأنه، وجهل ما في ذلك من التقصير بعبد الملك، والوضع من ظفره، فكان كلامه بادي النقص عند ذوي العقول، غير محمود عند ذوي التحصيل.
وكذلك قال بعض الأعراب لرجل رآه نطق بمنطق مذموم غير ناص ولا مقبول، فقال: يا هذا، إن عورات الرجال بين أرجلهم، وإن عورتك لبين فكيك، وهذا في هذا الباب مقنع إن شاء الله.
أدب الحديث:
فأما أدب الحديث فإن أصله وعمدته، وبهاءه وزينته اتقاء الخطأ فيه والزلل واللحن والخطل، ثم أن يكون حقاً سالماً مما يهجنه من معايب القول التي قدمنا ذكرها، ثم أن يقدر المحدث مقدار كلامه، ومقدار نشاط مستمعه فلا يحمله منه ما يضجره ويقصر عنه شيئاً، وإلا وقع من مخاطبه موقع إياس بن معاوية من ابن شبرمة فإن ابن شبرمة قال له: أنا وأنت لا نتفق، قال: ولم؟ قال: لأنك لا تشتهي أن تسكت، وأنا لا أشتهي أن أسمع، وألا يردد القول إذا أعجبه؛ فإن في التوراة لا يعاد الحديث مرتين.
وروي أن ربيعة الرأي تكلم يوماً فأعجبه كلامه فقال لأعرابي: