جثمانه ثمَّ أَن الْمَمْلُوك ينسى ضَمِيره الَّذِي هُوَ مَوضِع السِّرّ ويكسل عَن أَن يديره فِي الْفِكر فضمائره مَقَابِر أموات الْأَسْرَار وَلَا يُرْجَى لَهَا إِلَى يَوْم النشور بعث وَقد زاحمتها مباعث الهموم من مباعث الهمم وَهل يؤمل من يحدى اليه بَث ثمَّ أَن الْأَسْرَار إِنَّمَا تظهر بالمباحثة وتسفر بالمحادثة ويصدرها المصدور لمنافثيه بالمنافثة وَمَا للمملوك وَقت يسمع حَدِيثا أَو يسمع فِي نبيثا شغلته الْكِتَابَة عَن الخطابة واليراعة عَن البراعة ومداد النقس عَن مد النَّفس وَهوى السوَاد عَن سَوْدَاء الهوس يُؤثر سرُور السِّرّ عَن أَذَى الاذاعة ويخرق رقاعه تنزها عَن الْخرق والرقاعة وَمن تنبه لرقدته قَرَأَ سُورَة الْغَفْلَة من صورته فَإِنَّهُ لفرط أَمَانَة حسه فِي المحافل ينْسب إِلَى زِيّ الغافل لَا الْعَاقِل حَتَّى يسمع من ندماء الْملك أَن فلَانا لَا يحسن أَن ينبس بنت شفة وَلَا يُمكن أَن ينعَت بِصفة وَلَا يَدْرُونَ أَن أنف أَنفه أَشمّ وَسمع شرفه عَن الْفَحْشَاء أَصمّ لَا سِيمَا وَهُوَ عبد مَوْلَانَا فَلَا غرو أَن سمت همته عَن الْمجَالِس والمساجل وَمَضَت عزيمته فِي المناظر والمناضل ويكفيه فخرا أَن الْمولى يعرفهُ وغني أَنه بعارفته يكنفه فَيحسن بِهِ أَن يحسن ذكره عِنْد السُّلْطَان لَعَلَّه يزِيد فِي الْإِحْسَان وَلَوْلَا خوف الإطالة والهيبة تهب بعثرته إِلَى الاستقالة لأوسع المجال فِي هذيانه لَا يانه وَالْعجب إِذا أثمر بِالذكر بُسْتَان نسيانه لَا زَالَ تهيام جود الولى بتهتانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
لست أدام الله سَعَادَة حَضْرَة الْمولى الجل الإِمَام الْعَالم الصَّدْر وَأَعْلَى لحظها وَتَوَلَّى حفظهَا وأجرى بِالْحَسَنَاتِ والمستحسنات اختراعها وحفظها وَجعل بِقدر فَضلهَا من الدَّاريْنِ حظها وأخرس أَلْسِنَة الخطوب الخاطبة أَن يتَوَلَّى وعظها أكايلها فِي القطيعة صَاعا بِصَاع وَلَا أنازلها فِي عَرصَة هَذَا المصاع وَلَا أَنا فِي لِقَاء نوب الزَّمَان الجبان وَلَا فِي لِقَاء جَفا الأخوان الشجاع وَلَئِن خانني فيهم صبري لقد وفى لي وَلَئِن ترجل إِلَيْهِم يومي ينشد خيالهم فقد حط فِي دَار الوفاد حَالي وَمَا أرِي للحضرة وَجه احْتَاجَ فِي هَذَا الأعتاب وَلَا صفحة عذر تطوى عَلَيْهَا صفحات هَذَا الْكتاب فَإِنَّهَا بني أَن تَقول قلت عَليّ الْموَاد وضلت عَليّ الْجواد فهيهات النَّجْم لَا يضل فِي سمائه والسحاب لَا يتصلصل لعدم مَا يتسلسل من مَائه أيقول أَن الأشغال فالعتب أَنِّي لست من أحماله أَو يَقُول إِن خطره الملال وَمَا أَحْسبهُ إِن شَاءَ الله من رِجَاله أَو يَقُول أَن عجلة الْإِرْسَال فالسحاب أدر مَا كَانَ إِذا ركبت الرِّيَاح لاستعجاله وأصدرت هَذِه الْمُكَاتبَة مقتضيا ومستدرارسل