بجرائرها جزائرها فقد فرغ الْقلب بِالْكُلِّيَّةِ من شغل تِلْكَ الْبِلَاد فَهِيَ مشحونة بِالْحُمَاةِ الكماة من الأنجاد الأجناد واستؤنف الْآن تَدْبِير هَذِه الْبِلَاد الشامية والثغور الإسلامية وَالْجمع بَين حفظهَا وخفضها المرجو
فَإِنَّهَا أشفت من الجدب واشتكت من الكرب وأخلفت بهَا أخلاف السحب وَلم تبك عَلَيْهَا عني الودق وَلَا خَفق لإخفاقها قلب الْبَرْق وَلَا بكتب سماؤها بالأنواء وَلَا ضحِكت أرْضهَا بالنوار وَلَا اهتزت بهَا أعطاف الأزهار وَلَا استدرت لرواضع بناتها أطباء الوابل المدرار وَلَا لَاحَ فِي صحاريها سنا السنابل وَلَا زمجرت فِي نَوَاحِيهَا رواعد الهواضب الْحَوَامِل فافتقرت عِنْد فقد عهاد الْحيَاء إِلَى إحْيَاء التعهد واستعاضت سماح الْجُود لَهَا عَن جود السَّمَاء للتفقد فعني بهَا ليعجل غناها وَيحصل مناها ويتدارك ارماقها ويمري بِالْخَيرِ أفاويقها ويجلو بالبشر آفاقها وَلَو اشْتغل فِي هَذِه السّنة بِجمع العساكر وحشد الْكَتَائِب واستدعاء إمداد الأجناد إِلَيْهَا من كل جَانب لسامها ثقلا يبهظها وكلفها إصرا يحفظها وَلَا يحفظها وغرامات تستنفد ذخائر أقواتها وخيولا تَأتي فِي الرَّعْي على زَرعهَا ونباتها فَهُوَ مشتغل بتربيتها وتقويتها بتقويتها وغهداء الإعتدال لمزاجها واماطة الاعتلال بعلاجها عَن منهاجها وَإِذا قويت الْبِلَاد فِي هَذِه السّنة واستعد الأجناد للأنجاد استفتح بعون الله فِي الرّبيع بِفَتْح الْبَيْت الْمُقَدّس وسارع فِي أَدَاء فَرِيضَة الْجِهَاد وإحراز فضيلته ببذل الْأَنْفس من الْأَمْوَال والأنفس وَهُوَ مَعَ هَذَا لَا يخلي الفرنج فِي هَذِه الْمدَّة من شن الغوار والمسارعة إِلَى الْحُلُول بدارها على البدار وَالِاجْتِهَاد فِي اطلَاع قمر النَّصْر للْجِهَاد من أوج الإبدار لَا زَالَ الْمجْلس السَّامِي عَارِيا من الْعَار كاسيا من الفخار أَن شَاءَ الله تَعَالَى
لَا زَالَت الْأَيَّام بآلاء أيامنه متباهية والأقدار فِي إِمْضَاء أَحْكَامه متناهية