وبالأمس تقلد وزر وزيرك وَأَشَارَ بِالْفَتْكِ بمشيرك فَمَا زَالُوا بِهِ حَتَّى صرفون وحرفوه وأنكروا عَلَيْهِ وعرفوه وبسطوا يَده على قبض الْمَذْكُور وحكموا عَلَيْهِ فِي الْأُمُور وطالبوه بِتَسْلِيم قلعة حارم وأوقعوا بهَا لأَجله العظائم وارتكبوا من تعذيبه الْمَحَارِم فَكتب إِلَى نوابه بهَا فنبوا وأصروا على الِامْتِنَاع وأبوا فَحَمَلُوهُ ووقفوا بِهِ تَحت القلعة فخوفوا بالصرعة فَلَمَّا طَال أمره قصر عمره وَتركُوا رقبته وفكوا رقبته واستبد الصغار بعده بالأمور الْكِبَار وَقَالُوا قد تخلصت مِمَّن يحكم عَلَيْك فِي الْإِيرَاد والإصدار والنقض والامرار والنفع والإضرار وراق مِنْهُ الاستبداد ولاق بِهِ الاسترشاد وشاقه السداد وَسَاقه إِلَى المُرَاد من الله الإسعاد وامتنعت عَلَيْهِ قلعة حارم وجرد لَهَا العزائم وَنزل عَلَيْهَا الفرنج بُرْهَة وَلم يستشعروا فِي ملكهَا شكا وَلَا شُبْهَة ودافع عَنْهَا الكمشتكينية ولزموا فِي حفظهَا النخوة وَالْحمية ثمَّ رَحل الفرنج عَنْهَا بقطيعة بذلها لَهُم الْملك الصَّالح واستنزل عَنْهَا أَصْحَاب كمشتكين وهم رذايا طلائح وَولى بهَا مَمْلُوكا لِأَبِيهِ يُقَال لَهُ سرخك وانتظم بولايته سلكها والمسلك
قد وصل فِي هَذِه السّنة إِلَى السَّاحِل من الْبَحْر كند كَبِير يُقَال لَهُ افلند من أكبر طواغيت الْكفْر واعتقد خلو الشَّام من ناصري الْإِسْلَام ونائب السُّلْطَان بِدِمَشْق وَمَا يجْرِي مَعهَا من الممالك أَخُوهُ الْملك الْمُعظم فَخر الدّين شمس الدولة تورانشاه وَهُوَ متصرف فِيهَا تصرف الْملك وَقد بذل للفرنج مَا أمنت بِهِ الْبِلَاد من مضراتهم