وانما أخرت ذكر وَفَاة معز الدّين وان تقدم تاريخها وَوصل الينا عِنْد عبور الْفُرَات صريخها لسردي الاحوال على سياقتها وإفراد حادثته بِالذكر لسكرة اللَّيَالِي بهَا وَتعذر افاقتها وفقر الايام من بعده الى مثله وفاقتها فانه بعد انفصالنا عَنهُ بِالشَّام لَازم الْجِهَاد بِحَدّ الِاجْتِهَاد وَصدق الاعتزام فوعك فِي نهضة من نهضاته ونهك بمرضة أعضلت خلاف مَا اعتادته من مرضاته وَلما اشتدت عَلَيْهِ عَاد الى دمشق منيبا الى الله فِي طلب مرضاته وانتقل من حومة الشَّهَادَة الى حمى السَّعَادَة وَمن مقَام الدَّوَائِر إِلَى دَار المقامة وَمن اسْتِبْقَاء المحن الى منح الاسْتقَامَة وَمن حضيض المهالك إِلَى حظوظ الممالك وَمن غَار الاغترار الى مقرّ الِاسْتِقْرَار وَمن معاطن المعاطب الى مَذَاهِب الْمَوَاهِب وَمن حَيَاة الفناء الى فنَاء الْحَيَاة وَمن جناب الدهاة الى جنَّات الهداة وَمن منَازِل الْعَدْوى إِلَى مناهل الجدوى وانتقل من الاتراب الى التُّرَاب وَمن المتربة الى الاتراب وَمن الرُّتْبَة الى التربة وَمن الوطن إِلَى الغربة فتبا للدهر مَا تبقى نياته على بنيه وَلَا تلِي نكباته بالسوء سوى موَالِيه لقد فجعت الدّين والدولة بِهِ ملكا هماما وَسَيِّدًا قمقاما وأسدا ضرغاما ومقدما مقداما ماجدا ماجد فِي الامر الا بلغ وَغلب وَمَا سعى فِي نجح الا ظفر بِمَا طلب وَلم يزل المستشار المؤتمن والمستجار المتمكن والسمح السخي والذمر النحي والاريحي الْحَيِي والالمعي اللوذعي وَكَانَ السُّلْطَان يقطع بِرَأْيهِ ويصل ويكلأ بِهِ الثغور واليه يكل