بلمحتها وَهِي الرَّوْض الا أَن أنفاس النسيم مُنَافَسَة فِي الْعبارَة عَن عبير نفحتها وَهِي المذكرات للانفس بِاللَّه الا أَن أسطرها سلوكها وحروفها دُرَر سبحتها وَمَا زَالَ الْخَادِم الى مثل هَذِه الْفقر فَقِيرا وَبهَا على نَفسه بَصيرًا واذا أنعم بتسييرها اليه عدهَا نعيما واذا ملكهَا رَآهَا ملكا كَبِيرا وَمَا ترد وَارِدَة من الدَّار العزيزة الَّتِي بنت عزها يَد الله وَغَيرهَا مَنْسُوب الى بِنَاء البنان الا أمضت البصائر واسترهفتها وأحمت أنوف القنا على أَعدَاء الله فاستر عفتها فالخادم قد بورك لَهُ فِي صقال خاطرة بأوامرها الَّتِي لَهَا يأتمر وَقد لزم مَا بورك لَهُ فِيهِ فَهُوَ وان اضجر لَا يزَال مستبدا بِهَذِهِ الطَّرِيقَة مُسْتَندا إِلَى هَذِه الْحَقِيقَة دون وُلَاة الاقطار وامراء الْأَمْصَار الَّذين لَا يطالعون الدَّار العزيزة الا إِذا مسهم الضّر فدعوها لجنبهم وَإِذا عتبوا على الدَّهْر قارضوها لأجل عتبهم واذا تَأَمَّلت هَذِه اللطيفة واعتبرت افعاله وافعالهم نظرة شريفة علم أَن الْخَادِم قد أعْطى الدَّار العزيزة قياد سكونه وزمام حركته وَأَن اوامرها بِهِ نَافِذَة فِي مملكتها وَلَا يضيف إِلَى نَفسه فَيَقُول فِي مَمْلَكَته فرسله على ايوانها وَكتبه فِي ديوانها وجهاده تَحت رايتها السَّوْدَاء واجتهاده فِي رفع كلمتها الْبَيْضَاء والخافقان قد خَفَقت فيهمَا الويتها فَفِي الْمغرب مِنْهَا مثل مَا فِي الْمشرق ونفذت فيهمَا أقضيتها فأطاع المنجد كَمَا أطَاع الْمُتَّهم وَسلم المشيم كَمَا سلم المعرق وَإِذا ولاه أَمِير الْمُؤمنِينَ ثغرا لم يبت فِي وَسطه وَأصْبح فِي طرفه وَإِذا سوغه بَلَدا هجر فِي ظلّ خيمته وَلم يقم فِي ظلّ غرفه واذا بَات بَات السَّيْف لَهُ ضجيعا واذا أصبح أصبح معترك الْقِتَال لَهُ ربيعا لَا كَالَّذِين يغبون أَبْوَاب الْخلَافَة اغاب الاستبداد وَلَا يؤامرونها فِي تصرفاتهم مُؤَامَرَة الاستعباد وَكَأن الدُّنْيَا لَهُم اقطاع لَا ايداع وَكَأن الامارة لَهُم تخليد لَا تَقْلِيد وَكَأن السِّلَاح عِنْدهم زِينَة لحامله ولابسه وَكَأن مَال الْخلق عِنْدهم وَدِيعَة فَلَا عذر عِنْدهم لمانعه وحابسه وَكَأَنَّهُم فِي الْبيُوت دمى مصورة فِي لُزُوم جدرها لَا فِي مستحسنات صورها راضين من الدّين بالعروة اللقبية وَمن اعلاء كَلمته بِمَا يسمعونه على الدَّرَجَات الخشبية وَمن جِهَاد الخارجين على الدولة باستحسان الاخبار المهلبية وَمن قتال الْكفَّار بِأَنَّهُ فرض يقوم بِهِ طَائِفَة فَيسْقط عَن الاخرى فِي آخرهَا وَمن طَاعَة الْخلَافَة بِذكر اسْمهَا وَالْخُرُوج عَن سيماها فَالله تَعَالَى