الدانية الدِّينِيَّة وَالثَّمَرَة الحلوة المجنية والمنية المتحققة لِلْإِسْلَامِ بايراد الْكفْر موارد الْمنية
أَن الأسطول النصور الْمصْرِيّ غزا فِي أول هَذَا الْعَام وتوغل فِي الجزائر على أهل الجراير وَرمى دِيَارهمْ بالدوائر وفقارهم بالفواقر وظفر ببطسة كَبِيرَة فلقيها بالبطشة الْكُبْرَى وَاسْتولى عَلَيْهَا وعَلى أُخْرَى وَعَاد إِلَى الثغر المحروس بشرح الصُّدُور وَطيب النُّفُوس مستصحبا ألف رَأس من السَّبي مصحبا برشد الْقَصْد ونجح السَّعْي وَكَانَ تَارِيخ استطالة الأسطول على الفرنج بِمصْر فِي الْبَحْر تَارِيخ بطشتنا فِي الشَّام من غير تَأْخِير بِحَرب الْكفْر فَمَا أقرب مَا بَين النصرين فِي المصرين وَمَا أعذب عَذَاب الفئتين وتجريعهما الْأَمريْنِ من الْأَمريْنِ لقد عَم النَّصْر وتساوى فِيهِ الْبر وَالْبَحْر وتهادت بِهِ الْبُشْرَى والبشر وَفضل بِهِ سَائِر الإعصار بسيرة فَضله هَذَا الْعَصْر
قد سبق ذكر نهضته بالعسكر وركوب الفرنج إِلَيْهِ فِي ذَلِك المعشر وَمَا تمّ من إقدام السُّلْطَان ونصرته وَكسر جيوش الْكفْر وَأسر أسرته ذكر عز الدّين فرخشاه أنني فِي تِلْكَ المعركة والحومة الجالية إِمَّا عَن المملكة وَإِمَّا عَن الْمهْلكَة تذكرت بَيْتِي المتنبي ... فَإِن تكن الدولات قسما فَإِنَّهَا
لمن يرد الْمَوْت الزؤام تؤول
وَمن هون الدُّنْيَا على النَّفس سَاعَة
وللبيض فِي هام الكماة صليل ...
فهان الْمَوْت فِي عَيْني فَلم أفرق بَين حَياتِي وحيني
وَحكى الْأَمِير حسام الدّين تميرك بن يُونُس وَكَانَ لشجاعته وحصافته الْفَارِس المتفرس وَكَانَ مَعَ عز الدّين فِي الْوَقْعَة وَحصل وسط الرقعة انا كُنَّا فِي أقل من ثَلَاثِينَ فَارِسًا تقدمنا من أهل الفتك فشاهدنا خيل الفرنج فِي سِتّمائَة فَارس واقفين