افتى فِيهِ إِن لَهُ عهدا فِي وَقت خُرُوجه إِلَى الْمولى من حلب حَتَّى اشْترى دولته وَبَاعَ الدول وفت فِي عضد الْأَعْدَاء بتحيزه إِلَى جَانِبه الْكَرِيم فَإِن قَالَ قَائِل إِن الْأُمُور الشَّرْعِيَّة لَا مجَال لَهَا فِي العهود وَلَا مدْخل لَهَا فِي الشُّرُوط فَصَحِيح وَلكنه لَا يُكَلف مَا يُخَالف الشَّرْع إِذْ تقدم القَوْل أَن الْوَالِد إِن صرف فَلَا يُوجد مثله وَالْولد إِن لم يستصلح فَلَا يُوجد إِلَّا نَظِيره أَو دونه وَإِذا اسْتَوَت الدَّرَجَات فضل الْوَلَد بِقرب مِثَال الاسترشاد من أَبِيه ويسعه أننا نمنعه من تجَاوز القَوْل وتعديه وَمن إسعاف النَّفس إِلَى مَا الله عَنهُ مغنيه الْيَسْ الْمولى يقلده فِي الْفَتَاوَى فَلم لَا يقلده فِي أَمر نَفسه وَإِن كَانَ يُرِيد الِاخْتِيَار لمن يسْتَحق المنصب فدرجة الِاخْتِيَار دقيقة وَمَا ظَاهر الْأَمر إِلَّا أَن مُسْتَند الْمولى فِيهَا إِلَى برهانه ود الْمَمْلُوك لَو أَفِي الْإِسْلَام شَخْصَيْنِ كأبن عصرون وَفِي رعيه الْمولى وَبَيَاض الْأمة جمَاعَة مثله وَلَا يَلِيق أَن يكون الْوَالِي مَحْجُورا عَلَيْهِ والنائب مَأْذُونا لَهُ فَإِن هَذِه الصِّنَاعَة الأَصْل وحوطه فِي الْفَرْع
وَلما طَال الْمقَام على حصن بعلبك والامتناع وَلم يَقع من ابْن الْمُقدم فِيهِ الِاتِّبَاع وَمَا رأى السُّلْطَان مقاتلة الْمُسلمين فِيهِ وَلَا كسر الناموس أبقى الْحصن على صونه المحروس وَحفظه المأنوس فرتب طغرل الجاندار وَمَعَهُ جمَاعَة يكفون من الرِّجَال ووصاهم أَن لَا يتَعَرَّضُوا لِلْقِتَالِ وَلَا يلموا بالنزال بل يمْنَعُونَ من الْخُرُوج وَالدُّخُول ويلحون الأبي من الْقبُول ورحلنا صوب دمشق فِي الْعشْر الْأَخير من رَجَب وَلم يقْض من قضايا تِلْكَ السّنة وعجائبها الْعجب وَتَمَادَى الْأَمر إِلَى أَن رَضِي ابْن الْمُقدم بحصن بعرين وأعماله وببلد كفرطابوأعيان نواح وقرى من بلد المعرة