بَعْضهَا تطير الرؤس دونه وَلَو أننا نؤثر مضاجرته حَتَّى نتسلم مِنْهُ القلعة كَيفَ أحْوج ونجتهد أَن لَا يكون فِي الْإِسْلَام دم مضرج لَكنا قد استنزلناه عنْوَة وجعلناه لأمثالة عِبْرَة لَكنا نحلم وَهُوَ يجهل ونسهل وَهُوَ لَا يسهل وَلأَجل ناموس الثغر الْمَحْفُوظ وَأمر احتياطه الملحوظ نسلك أسلم الطَّرِيقَيْنِ وأهون الخطتين وَنَصْبِر إِلَى أَن نبصر كَيفَ تكون عَاقِبَة عُقُوبَته وَكَيف ينقاد للين زِمَام صعوبته وَقد علم الله سُبْحَانَهُ قصدنا وَعرف أَن غرضنا إعلاء منار الدّين لتَكون كلمة الله الْعليا وَالسَّعْي فِيمَا هُوَ أَنْفَع لنا فِي الدّين وَالدُّنْيَا
كلما عزمنا على خير عرضت فِي طرقه الطوارق وعاقت دونه الْعَوَائِق وَاعْترض نهجه اخوان الشَّيَاطِين وعاثت فِي سرحه اشباه السراحين ونلقى ضد مَا هُوَ الْوَاجِب من وَفَاء الْمُلُوك ووفاء السلاطين وَقد لينًا من الْمُسلمين بِمَا لَا نصفه من رفضهم أَمر الدّين وإغماضهم دون مصالحة واعتراضهم مناهج مناجحه فليتهم إِذْ فرغوا للذاتهم ومعاشرة لداتهم ومباشرة شهواتهم ومراضعة اخلاف لهوهم ومضارعة أحلاف رهوهم ومخادعة أطماعهم ومضاجعة طباعهم ومبايعة دنهم بدينهم ومتابعة الشَّك بمخالفة يقينهم لم يَكُونُوا للخير مانعين وللشر تابعين مانحين وَلَا لزناد الْفِتَن مقتدحين وَلَا فِي سَبِيل الله قادحين فَإِنَّهُم مَعَ ابدائهم صفحة الصُّلْح وَوجه الصّلاح وإعطائهم المواثيق على اقتران النجح مِنْهُم بالاقتراح لَا تَنْقَطِع رسلهم عَن الفرنج والحشيشية وَلَا حثهم أياهم على الأذية ويوقظونهم لكل مخزية ونهضونهم لكل مزية ويعدونهم ويمنونهم غرُورًا ويريدون أَن يطفئوا لله نورا فَإِذا جَنبُوا شجعوهم وَإِن جَنبُوا رجعوهم وَإِن قعدوا أنهضوهم وَإِن رقدوا أيقظوهم وَإِن رهبوا رغبوهم وَإِن بعدوا قربوهم وهم يدلونهم على العورات ويجرونهم على المضرات ويبصرونهم بالسوءات وَالله سُبْحَانَهُ بالمرصاد ومذيل من الأضداد
قد نهد وليه إِلَى ثغر حمص حماه اله حاميا وخيم على العَاصِي إِلَى طَاعَة الله فِي الْغَزْو متراميا وَأما الفرنج فَإِنَّهُم جمعُوا وجندوا وَنَادَوْا وحشروا وحشدوا واجتمعوا فِي مركزهم الْقَرِيب من هَذَا الثغر خَائِفين من بِدَارِنَا الْخَوْف بدارهم مترقبين كل سَاعَة