وذكرت لي كتاب الهيثم بن عديّ [1] في ذلك، وقد خبّرتك أن لم أرض بمذهبه، ولم أحبّه له حظّا في حياته، ولا لولده بعد مماته.

وأنا أحذّرك اللّجاج والتتايع [2] ، وأرغب إلى الله لك في السّلامة من التلون والتزيّد، ومن الاستطراف والتكلّف؛ فإن اللّجاج لا يكون إلّا من خلل القوّة، وإلّا من نقصان قد دخل على التمكين. واللّجوج في معنى المغلوب، والمتطرّف في معنى الغالب والمكتفي. ولا يكون إلّا والعقدة منحلّة، والنفس منقوضة، ثم لا بدّ من أن يتّصل ضعف المنّة بقلّة المعرفة.

ومتى نقصت المعرفة لم تكن المنّة فاضلة [3] ، وكان الفاعل إما لجوجا مشايعا [4] ، وإمّا ذا بدوات متلوّنا [5] .

فاعرف فصل ما بين التصرّف والتلوّن.

وليس الاعتراض من صفة اللّجاج، وقد يكون الاعتراض محمودا ومذموما ولا يكون اللّجاج إلّا مذموما.

والتلوّن: أن يكون سرعة رجوعه عن الصّواب كسرعة رجوعه عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015