بعض المعاصرين وإنكارهم انشقاق القمر بدعوى العقل

بعض المعاصرين الذين هم نار على علم في هذا العصر يرفضون معظم الأحاديث حتى المتواترة بدعوى العقل.

معتزلي الفكر والمنهج ينكر حديث انشقاق القمر، حديث انشقاق القمر: (لما سأل المشركون النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى القمر، فانشق فلقتين: هنا فلقة وهنا فلقة على الجبل) فيأتي النظام المعتزلي فيقول: إن القمر لم ينشق لأن الذي رواه ابن مسعود وحده، ومن الذي قال لك: إن ابن مسعود هو الذي روى حديث انشقاق القمر وحده؟! إن المعتزلة جهلة برواة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك ظن ابن مسعود وحده هو الذي روى حديث انشقاق القمر، مع أن آحاد الحديث متواترة، ومعنى متواتر عند العلماء أنه قد: رواه تسعة على الأقل، فعندما يأتي رجل يقول: أنا لا أكفر رجلاً ينكر انشقاق القمر، ولو أن رجلاً أنكر حكماً من أحكام الإسلام وقال لي: أنا لن أدخل الإسلام إلا إذا أنكرت كذا أقول له: ادخل الإسلام، ولا أجعل الإيمان بهذا الحكم مانعاً من دخول الإسلام، انظر إلى هذا الكلام!! يعني: لو أن رجلاً أراد أن يدخل الإسلام، وقال: (الإسلام كله جيد، لكن مسألة الزواج بدون ولي أنا لا أقبلها، فإذا كنتم ستقبلون مني الإسلام من دون هذه المسألة فسوف أسلم) هو سيقول له: أسلم وتوكل على الله، لا نصدك عن دين الله لأجل حكم جزئي، وشخص آخر يقول: (الإسلام جميل، لكن لا أستطيع أن أقبل تفريق الإسلام بين الذكر والأنثى في الميراث، المرأة نصف المجتمع، وعندنا السيدة فلانة والسيدة فلانة أفضل من أولي الشنبات الذين لا يستطيعون أن يعملوا شيئاً، فإذا تجاوزتم هذه المسألة، فأنا سوف أدخل الإسلام) فيقول: نعم اتركها مؤقتاً وادخل الإسلام، ويأتي رجل ثالث ويقول:) أنا لا أريد الجزئية المعينة، وإذا بنا نفاجأ أن الإسلام مكدر إننا نقول لهؤلاء: جهنم لن تضيق عن واحد، ادخل جهنم!! هذا الدين ليس في ملكنا أن نقول له: آمن، أو اترك المسألة الفلانية، هذا ليس من اختصاصنا نحن وهذه قصة حصلت في القرن الثاني الهجري للضحاك بن مزاحم -والضحاك أحد التابعين- كان له جار نصراني، وكان دائماً يشكك في الدين الإسلامي، كأن يقول: دينكم ما أجوده وما أحسنه! غير أنني لا أطيق أن أنقطع عن شرب الخمر، فقال: ادخل الإسلام واشرب الخمر، فأول ما نطق بالشهادة قال له الضحاك: (إذا ارتددت قتلناك، وإذا شربت حددناك) .

فعندما قال له: ادخل واشرب، لم يقصد عدم المؤاخذة كما هو الآن، لا.

هذا الدين ليس ملكنا، إنما نحن عبيد، فانظر إلى هذه الدعوة! إنها خطيرة جداً! جعلت الناس يستهينون بأحكام الله، يقول لك: إذا كان العالم الفلاني أفتى بجواز المسألة الفلانية فلِمَ تُحجر واسعاً على الخلق؟! إذا كان أبو حنيفة قال: إنه يجوز الزواج من دون ولي، فإذا عملت ذلك المرأة وحضر شاهدان عند القاضي فالعقد صحيح، بما أن أبا حنيفة قال ذلك، فأقاموا العلماء مقام الرسول عليه الصلاة والسلام، ولم يلتفتوا إلى كلام النبي عليه الصلاة والسلام الواضح في بطلان هذا الزواج، يقول هذا الداعية: أوصي الذاهبين إلى كوبا ألا يحرموا عليهم لحوم الكلاب، لأنه ليس عندنا نص يحرمه ويحظره، والناس هناك يأكلونه فدعهم يأكلونه، لحم الكلب والحمار والأسد والسبع والفهد، ولحم الغراب والنسر والفأر، وهذا كله ليس حراماً، لماذا؟ لأنه ليس عندنا نص يحظره، وكذب! فهذا حديث: (نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير) سيقول: كل شيء له ناب حتى البقرة لها ناب، نقول: ليس هذا الناب الذي قصده النبي عليه الصلاة والسلام، إنما قصد (الناب) الذي يعتمد عليه الحيوان في النهش وأكل اللحوم، وكذلك كل ذي مخلب يشمل الطيور الجارحة، فالطيور الجارحة كلها محرمة، وهذا النص شامل لها، وهو أقوى من أن يحرم الطيور بأسمائها أو السباع بأسمائها؛ لأن الطيور التي في الكون لا يأتي عليها الحصر؛ فلو قال: يحرم عليكم الغراب والنسر والهدهد واستمر يسمي كل طائر، وما لم يسمه صار حلالاً، لما أمكنه استيعابها لكثرتها وكثرة أسمائها، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم صفة كلية، إذا وجدتها في طائر أياً كان اسمه، فلا تأكله، حتى لو أتى لك بحيوان جديد وسماه عجلاً، نقول: سمه كيفما شئت؛ لكن إذا وجدت فيه الصفة (ناب أو مخلب) لا يجوز لك أن تأكله، فكيف يتجاهل مثل هذا النص أناس يقولون: إذا دخل المسلمون إلى كوبا لا يحرم عليهم لحوم الكلاب؟! ولماذا نراعي كل أمة كافرة لها عرف من الأعراف الفاسدة، والإسلام لا يجرؤ على تغييره؟! إذاً الإسلام ليس مهيمناً على الدنيا، إذا دخلنا بلاد أوروبا، فوجدنا المرأة تباشر عقد الزواج بنفسها، وكنت كداعية لا أجرؤ أن أقول لهم: هذا لا يجوز، فقد جعلت عرفهم مقدماً على كلام الله ورسوله، فهل الإسلام يرضى بهذا؟ لا.

لأن الإسلام هو الحاكم، ويرد أيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام: (الكلب الأسود شيطان) فيقول: تريدون أن تضحكوا علينا، الكلب الأبيض هو والكلب الأسود سواء، ورد هذا الحديث بعقله، والله عز وجل يقول: {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام:112] فلو أتيت بأي إنسي وشرحت جثته لتنظر أهو من شياطين الإنس، فلن يمكنك أن تعرف ذلك.

مع أن أبا ذر سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجزئية التي سألها هذا الرجل، قال صلى الله عليه وسلم: (يقطع صلاة المرء: الكلب الأسود، والمرأة الحائض، والحمار) .

المرأة الحائض: المقصود بها التي بلغت المحيض، وليست التي هي حائض في ذلك الوقت لا، والكلب الأسود.

الرجل الذي سمع هذا الكلام من أبي ذر لفت نظره لفظ (الكلب) فقال: (يا أبا ذر! فما بال الكلب الأسود من الأحمر من الأصفر؟! قال له أبو ذر: يا ابن أخي! سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما سألتني عنه، فقال: الكلب الأسود شيطان) .

وفي حديث عبد الله بن المغفل رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (لولا أن الكلاب أمةٌ من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم) بهيم: يعني شديد السواد، فأباح قتل الكلب الأسود في حديث عبد الله بن المغفل لماذا؟ في حديث أبي ذر ذكر العلة: (فإنه شيطان) ويأتي يعترض ويقول: لا، دم الكلب الأبيض والأسود سواء، تعترض على من؟! على الرسول عليه الصلاة والسلام؟! ما هو الفرق بين أن يكون الرسول موجوداً فتخالفه، وبين أن يكون الخلاف لكلامه.

لا فرق، إذ لم يشترط أحد من العلماء وجود الرسول عليه الصلاة والسلام للإيمان بكلامه، فتصور: لو أن رجلاً موجوداً أمام النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول: الكلب الأسود شيطان، قام وقال له: لا يا رسول الله! الكلاب أبيضها وأسودها سواء، هل يجرؤ على أن يقول أحد هذا الكلام؟!! يأتي على حديث أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً يتبع حمامة فقال: (شيطان يتبع شيطانة) فيرد هذا الحديث أيضاً.

ويرد حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء) فيقول: هذا الحديث يخالف الواقع، وهذا لا يوافق العقل الصريح.

نقول: لا يوجد نص أبداً صحيح يخالف عقلاً صريحاً، أبداً، لكن ما مقصود العلماء من هذه المقولة؟ هل هو عقل فردي، أو عقل الأمة؟ المقصود: عقل الأمة؛ لتفاوت الموازين عند عقول البشر، ولولا اختلاف الألباب لبارت السلع، وهدمت صوامع وبيع، والله عز وجل يقول: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} [البقرة:251] .

إذاً: اختلاف عقول الناس واختلاف تفكيرهم هو الذي يوجه الحياة: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} [البقرة:251] .

فالمقصود بهذا العقل هو العقل المجمل، لا يمكن أن يوجد نصٌ صحيح يخالف عقلاً صريحاً.

وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله صنف كتاباً لم يطرق سمع العالم مثله -وهو أحد مفاخر شيخ الإسلام على وجه الخصوص وأحد مفاخر الأمة الإسلامية على وجه العموم- وهذا الكتاب اسمه: درأ تعارض العقل والنقل، وله اسم آخر مشهور: موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول، رد فيه على كتاب: أساس التقديس للفخر الرازي، هذا الكتاب مطبوع في أحد عشر مجلداً، قلت: لم يطرق سمع العالم مثل هذا الكتاب، تقرؤه يزيل عنك كل الشبه، وفعلاً ألقمهم جميعاً حجراً، ألقم الفخر الرازي وابن سينا وأبا حامد الغزالي وكل هؤلاء، وقد قال أبو بكر بن العربي تلميذ أبي حامد الغزالي صاحب كتاب الإحياء في شيخه: بلع أبو حامد الفلاسفة فأراد أن يتقيأهم فما استطاع.

هو يريد أن يقول: إن الغزالي أبا حامد صاحب كتاب: (إحياء علوم الدين) بلع الفلاسفة، أي: درس علوم الفلسفة، فلما أراد أن يخرج منها ويتقيأها ما استطاع، إذ أن فكره قد فسد وخرب بالفلسفة، فخرج عن قانون الفقه.

وكتاب إحياء علوم الدين من الكتب الشهيرة التي لا يكاد بيت يخلو منه، وهو عمدة الواعظين والمحاضرين والمؤلفين، فهذا الكتاب تواترت كلمات العلماء في التحذير منه؛ لأنه خلط السم الزعاف بالعسل المصفى، لا تأخذ منه شيئاً في العقيدة، ولا في باب السلوك، وإذا لم تكن عالماً بعقيدتك التي تدين الله بها، حرم عليك النظر في هذا الكتاب.

فقال أبو بكر الطرطوشي: لا أعلم على بسيط الأرض كتاباً أكثر كذباً منه على الرسول عليه الصلاة والسلام.

هذا الكتاب مملوء بالكذب على الرسول عليه الصلاة والسلام، أبو حامد الغزالي نفسه قال: أنا م

طور بواسطة نورين ميديا © 2015