مع قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} (?). ما حاصله أنه - صلى الله عليه وسلم - امتثل ما أمر الله به من تسبيحه وسؤاله المغفرة في قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} (?). قال: وزعم قوم أن استغفاره عما يقع منه بطريق السهو والغفلة، أو بطريق الاجتهاد مما لا يصادف [ما] (أ) في نفس الأمر. وتعقب بأنه لو كان كذلك للزم منه أن الأنبياء يؤاخذون بمثل ذلك، فيكونون (ب) أشدّ حالًا من أممهم. وأجيب بالتزامه. قال المحاسبي (?): الملائكة والأنبياء أشد خوفا ممن دونهم، وخوفهم خوف إجلال وإعظام، واستغفارهم من التقصير لا من الذنب المحقق. وقال عياض: يحتمل أن يكون قوله: "اغفر لي خطيئتي". وقوله: "اغفر لي ما قدمت وما أخرت". على سبيل التواضع والاستكانة والخضوع والشكر لربّه لما علم أنه قد غفر له. وقيل: على ما مضى من قبل النبوة. وقال قوم: على الصغيرة، ووقوعها منهم جائز. وقيل: هذا مثل قوله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ}. أي من ذنب أبيك آدم، {وَمَا تَأَخَّرَ}. من ذنوب أمتك. وقال القرطبي (?): وقوع الخطيئة من الأنبياء جائز، يعني غير محال؛ [لأنهم] (أ) مكلفون، فيخافون وقوع ذلك، ويتعوذون منه.
وقوله في أول الحديث: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو بهذا الدعاء. قال