الألفاظ، ما يحق له أن يسمى سيد الاستغفار؛ ففيه الإقرار لله وحده بالإلهية والعبودية، والاعتراف بأنه الخالق، والإقرار بالعهد الذي أخذه عليه، والرجاء بما وعد به، والاستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه، وإضافة النعماء إلى موجدها، وإضافة الذنب إلى نفسه، ورغبته في المغفرة، واعترافه بأنه لا يقدر أحد على ذلك إلا هو، وفي كل ذلك الإشارة إلى الجمع بين الشريعة والحقيقة، فإن تكاليف الشريعة لا تحصل إلا إذا كان في ذلك عون من الله تعالى، وهذا القدر الذي يكنى عنه بالحقيقة، فلو اتفق أن [العبد] (أ) خالف، وقامت الحجة ببيان المخالفة، لم يبق إلا أحد الأمرين، إمّا العقوبة بمقتضي العدل، وإما العفو بمقتضى الفضل، ولكن من شرط الاستغفار حسن النية والتوجُّه والأدب؛ فلو أن أحدًا حصَّل الشروط واستغفر بغير هذا اللفظ الوارد، أو استغفر أحد بهذا اللفظ الوارد، لكن أخلَّ بالشروط؛ هل يتساويان؟ فالظاهر ألا يكون سيد الاستغفار إلا إذا جمع الشروط المذكورة، وإن كان فضل الله أوسع، فعلى العبد التوجه بقدر استطاعته.

والاستغفار استفعال من الغفران، وأصله الغفر، وهو إلباس الشيء ما يصونه عما يُدنِّسه، ويُدَنَّس كلُّ شيء بحَسَبه، والغفران من الله للعبد أن يصونه عن العذاب.

ويُندَب تقديم الاستغفار والتوبة على الدعاء؛ لأن الإجابة تشرع إلى من لم يكن مُتلبسًا بذنب، فإذا قدَّم التوبة والاستغفار قبل الدعاء، كان أمْكَن لإجابته، ولا يختصّ بوقت، وقد أخرج البخاري (?) أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة". رواه أبو هريرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015