وأما حديث أبي هريرة في "العشر" فإنه كقول "مائة مرة". فيكون مقابل كل عشر مرات رقبة من قبيل المضاعفة، وأما ذكر "رقبة" بالإفراد في حديث أبي أيوب فشاذ، والمحفوظ أربعة، وجمع القرطبي في "المفهم" (?) بأن ذلك باختلاف أحوال الذاكرين في استحضارهم لمعاني الألفاظ بالقلوب، وإمحاض التوجه والإخلاص لعلّام الغيوب، فيكون اختلاف ثوابهم بمقدار ذلك وبحسبه، وعلى هذا يتنزل اختلاف مقادير الثواب الوارد في الأحاديث بالنظر إلى عمل واحد، لكنه يستقيم إذا تعددت مخارج الأحاديث، ويحتمل، فيما إذا تعددت، الاختلاف باعتبار الزمان؛ كالتقييد بما بعد صلاة الصبح مثلًا، وعدم التقييد إذا لم يحمل المطلق على المقيد، وظاهر لفظ الحديث أن هذه لفظ الفضيلة تحصل لمن أتى بالذكر في اليوم متواليًا أو مفرقًا، في أوله وفي آخره، لكن الأفضل أن يأتي به متواليًا في أول النهار ليكون حرزًا في جميع نهاره، وكذا في أول الليل ليكون له حرزًا في جميع ليله، وأكمل ما ورد في لفظ هذا التهليل في حديث ابن عمر عن عمر رفعه: "من قال حين يدخل السوق: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير". الحديث أخرجه الترمذي وغيره (?)، وهذا هو لفظ جعفر في "الذكر" كما تقدم، إلا قوله: "وهو حيّ لا يموت".
تنبيه: ظاهر الحديث في التسبيح بتكفيره الخطايا وإن كانت مثل الزبد أنه أفضل من التهليل، فإنه قال في التهليل: "محيت عنه مائة سيئة". وقد