الخلائق إلا الثقلين؛ الإنس والجن، ولولا تمرُّغ (أ) في قلوبكم وتزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع" (ب). قالوا: يا رسول الله، صلى الله عليك، وما ذنبهما؟ قال: "أما فلان، فكان (جـ) لا يستبرئ من البول، وأما فلان -أو قال: فلانة- فإنه كان يأكل لحوم الناس". ورواه من طريق ابن جرير أحمد (?) لكن بلفظ: "بالنميمة". وزاد فيه قال: يا رسول الله، حتى متى هما يعذبان؟ قال: "غيب لا يعلمه إلا الله تعالى".
وقد يؤخذ من إيراد هذا الحديث في الغيبة، أن الغيبة نوع من النميمة، إذا قيل باتحاد القصة؛ وذلك لأن النميمة هي إسماع المقول فيه ما قاله القائل، ولو سمعه القائل لكره أن ينقل عنه ذلك، فقد صدق: "ذكرك أخاك بما يكره". قال المصنف (?) رحمه الله تعالى: إن الغيبة قد توجد في بعض صور النميمة؛ وهو أن يذكره في غيبته ممَّا يسوءه قاصدًا بذلك الإفساد بينه وبين السامع، فيحتمل أن تكون قصة الذي كان يعذب في قبره كانت كذلك، ويحتمل أن تكون القصة متعددة، وأن عذاب القبر تكون من أسبابه الغيبة والنميمة، فبزيادة قيد الإفساد تكون الغيبة أعم مطلقًا، إذ لا يشترط فيها قصد الإفساد، وإذا قلنا: إن الغيبة لا تكون إلا في الغيب يكون