فقال: أما والله، لتنتهين عائشة عن بيع رباعها أو لأحجرن عليها. فرأت أن ذلك نوع عقوق منه؛ لأنه لم يكن عندها أحد في منزلته (أ) وهي خالته أخت أمه، فرأت مجازاته ترك مكالمته. وهجر ابن مسعود من ضحك في جنازة (?)، وحُذَيفة من شد الخيط للحمى، وهجر عمر من سأل عن معنى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا}. و {وَالْمُرْسَلَاتِ} (?). وهجرت عائشة حفصة، وعبد الرحمن هجر عثمان إلى أن مات، وطاوس هجر وهبًا إلى أن مات، وكان الثوري يتعلم من ابن أبي ليلى ثم هجره ومات ابن أبي ليلى ولم يشهد جنازته (?)، وقد روي عن أحمد بن حنبل أنه هجر أولاده وعمه وابن عمه لما أخذوا جائزة السلطان، حتى قال الذهبي في "الميزان" (?): لا يقبل جرح الأقران بعضهم على بعض سيما السلف، وحدهم رأس ثلاثمائة من الهجرة. ونقول: إن الأمر مستمر إلى وقتنا، بل في وقتنا من هذا العجب العجاب الذي نسأل الله تعالى السلامة منه، وأن يشرح صدورنا بالتسليم والإغضاء عن العيوب، ويطهر الصدر من الغل والحوب بمنه وإفضاله، ويحمل ما وقع من المذكورين وغيرهم من الأفاضل بأن الهجر لمصلحة دينية، وقد يكون مصيبًا من وقع منه في نظره، وقد يكون مخطئًا، والعصمة مرتفعة في حق الجميع، والعفو من الله تعالى مرجو للمقصر والمطيع، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015