يحتاج إلى ذلك كفى السلام. وقال ابن عبد البر (?): أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث لمن كانت مكالمته تجلب نقصا على المخاطِب له في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخاطبة مؤذية، انتهى. وكذلك هجر من صدر عنه ما يلام عليه شرعا وكان في هجره صلاح له فإنه يحسن، بل قد يجب، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهجر الثلاثة المخلفين؛ وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع (?)، كما أفهم قوله تعالى: {ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} (?). وبوب البخاري لقصتهم في الصحيح، وقد جرى بين السلف من الهجران فوق الثلاث، كما وقع من أبي ذر (?) وابن مسعود (?) وعمار (?) في حق بعض الصحابة، وهو مذكور في تراجمهم، واستمروا على ذلك حتى ماتوا، وقطع عثمان رضي الله عنه رزق ابن مسعود من بيت المال، وبعد موته عول الزبير على عثمان في إجرائه لأولاده وقد كان وصيًّا عليهم (?). وفي صحيح البخاري (?) أن عائشة رضي الله عنها نذرت أن لا تكلم عبد الله بن الزبير لما هم بالحجر عليها، لما رأى من إنفاقها حتى كانت لا تدع شيئًا مما جاءها من رزق الله،