ذكر الخطابي (?) أن هجر الوالد لولده والزوج لزوجته ونحو ذلك لا يتضيق بالثلاث، واستدل بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هجر نساءه شهرا (?)، وكذلك ما صدر من. كثير من السلف في استجازتهم ترك مكالمة بعضهم بعضًا مع علمهم بالنهي عن المهاجرة، انتهى.

ولا يخفى أن ها هنا مقامين أعلى وأدنى، فالأعلى اجتناب الإعراض جملة وهو يكون ببذل السلام والكلام والموادة بكل طريق، والأدنى بالاقتصار على السلام دون غيره، والوعيد الشديد إنما وقع لمن يترك الأدنى، وأما الأعلى فمن تركه من الأجانب لا يلحقه اللوم، بخلاف الأقارب فإنه يدخل في قطيعة الرحم، وإلى هذا أشار ابن الزبير في قوله في هجر عائشة له: فإنها لا يحل لها قطيعتي. أي إن كانت هجرتنى عقوبة على ذنبي فليكن لذلك أمد، وإلا فتأبيد ذلك يفضي إلى قطيعة الرحم.

1227 - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل معروف صدقة". أخرجه البخاري (?).

قوله: "كل معروف صدقة". المعروف ضد المنكر، والإخبار عنه بأنه صدقة من التشبيه البليغ بحذف أداة التشبيه، والمقصود المبالغة بأن له حكم الصدقة في الثواب، وأنه لا يحتقر الفاعل شيئًا من المعروف ولا يبخل به، وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - كل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، والأمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015