الاستحباب، وهذا اللفظ في غاية البلاغة والفصاحة لم ينسج على منواله ولا يؤتى بمثاله، وهو إرشاد إلى المصلحة وتنبيه على ما يخفف المشقة؛ فإن الحافي المديم للمشي يلقى من الآلام والمشقة بالعثار وغيره ما يقطعه عن المشي ويمنعه من الوصول إلى مقصده، بخلاف المنتعل فإنه لا يمنعه من إدامة المشي، فيصل إلى مقصده كالراكب فلذلك شبه به.
1215 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمش أحدكم في نعل واحد ولينعلهما جميعًا أو ليخلعهما جميعًا". متفق عليه (?).
الحديث فيه دلالة على أنه لا يشرع المشي في نعل واحدة؛ قال العلماء: إن ذلك مكروه. حملوا النهي على الكراهة، واختلفوا في علة الكراهة؛ فقيل: إن النعل شرعت لوقاية الرجل عمَّا يكون في الأرض من شوك أو نحوه، فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى، فيخرج بذلك عن سجية مشيته ولا يأمن مع ذلك العثار. وقيل: إنه قد ينسب فاعل ذلك إلى ضعف الرأي لما لم يسوِّ بين جوارحه.
وقيل: إنها مشية الشيطان. وقيل: لخروجها عن الاعتدال.
وقال البيهقي (?): الكراهة لما في ذلك من الشهرة في اللباس. وقد ورد في رواية لمسلم (?) عن أبي هريرة بلفظ: "إذا انقطع شِسْع أحدكم فلا يمش