وعن عثمان أخرجه في "الموطأ" (?)، وقال الأثرم (?): إن أحاديث الجواز أقوى من أحاديث النهي فترجح. قال: ويدل على وهاء أحاديث النهي اتفاق العلماء على أنه ليس على أحد أن يستقيء إذا شرب قائما، ومثله عن عياض، وقد دفع ذلك النووي بأنه لا يلزم من عدم القول بوجوب الاستقاء عدم الاستحباب.

وبعضهم ادعى أن أحاديث الجواز ناسخة لأحاديث النهي؛ بقرينة عمل الخلفاء الراشدين ومعظم الصحابة والتابعين، وأن استقاء النبي - صلى الله عليه وسلم - من زمزم في حجة الوداع متأخر.

وعكس ابن حزم (?) وادعى أن أحاديث النهي ناسخة لأحاديث الجواز؛ لأن الجواز مقرر لحكم الأصل من الإباحة، وأحاديث النهي ناقلةٌ لذلك، فمن ادعى الجواز بعد النهي فعليه البيان؛ فإن النسخ لا يثبت بالاحتمال. وجمع أبو الفرج (2) بين الأحاديث بتأويل الشرب قائما بأن المراد بالقيام المشي، يقال: قمت في الأمر، إذا مشيت فيه. وقصت في حاجتي إذا سعيت وقضيتها؛ وقوله تعالى: {إلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} (?). أي: مواظبًا بالمشي إليه. وتأول عكرمة حديث ابن عباس بأن المراد أنه شرب راكبًا، والراكب يشبه القائم من حيث كونه سائرًا، وشبه القاعد من حيث كونه مستقرا على الدابة؛ وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف على بعيره، إلا أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015