القرطبي في "المفهم" -وما أحسن ما قال-: ينبغي أن يكون هذا الحكم المذكور في الحديث مختصًّا بالحاكم لا يتعداه إلى سائر المجتهدين؛ لأن الخصمين إذا تحاكما إلى حاكم فهناك حق معين في نفس الأمر يتنازعه الخصمان، فإذا قضي به لأحدهما بطل حق الآخر، فإذا كان المقضي له مبطلا فقد أخطأ الحاكم، والحاكم لا يطلع على ذلك، فهذه الصورة لا يختلف فيها بأن المصيب واحد لكون الحق واحدا أو في طرف واحد، وينبغي أن يختص الخلاف بأن المصيب واحد أو كل مجتهد مصيب بالمسائل التي يستخرج الحق منها بطريق الدلالة. انتهى.
قلت: ويؤيد هذا حديث أم سلمة: "إنكم لتختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قطعت (أ) له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار". وسيأتي قرييا إن شاء الله تعالى (?).
وقوله: "فله أجران". أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، والذي أخطأ له أجر الاجتهاد فقط، وقد جاء في حديث عمرو بن العاص (?) في الإصابة: "فلك عشر حسنات". وكذلك في حديث عقبة بن عامر (?). وفي سند كل منهما ضعف.