قوله: "إذا حكم الحاكم". أي إذا أراد أن يحكم فاجتهد؛ لأن الاجتهاد مقدم على الحكم، ويحتمل أن يكون قوله: "فاجتهد". تفسيرًا لـ: "حكم". فتكون الفاء تفسيرية لا للتعقيب.
وقوله: "فأصاب" أي صادف ما في نفس الأمر من حكم الله تعالى.
"فله أجران" الحديث فيه دلالة على أن الحق عند الله تعالى واحد، وأن لله حكما معينا في كل جزئية، وأن المجتهد إذا أعمل فكره، واستقصى جهده في تحصيل حكم من الأحكام، فحصَّل فيه مطلبًا من تحريم أو تحليل، فإن وافق حكم الله تعالى كان مصيبا، وإن لم يوافق كان مخطئا، وقد ذهب إلى هذا أكثر أهل التحقيق من الفقهاء والمتكلمين، وهو مروي عن جماعة من قدماء أهل البيت وعن الأئمة الأربعة، وهو الأصح عن الشافعي، وفي كلمات الصحابة رضي الله عنهم ما يدل على ذلك، وفي قوله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} (?) ما يدل على ذلك، وذهب جماعة من المعتزلة كأبي علي وأبي هاشم وأبي الهذيل وأبي عبد الله البصري وقاضي القضاة، ومن أهل البيت كأبي طالب والمؤيد بالله والمنصور بالله وأحمد بن الحسين -إلى أن الحق غير متعين، وأنه ليس لله تعالى في الأحكام الفروعية الاجتهادية مراد معين، وإنما المطلوب من المجتهد العمل بما أدى إليه اجتهاده، فما أدى إليه اجتهاده فهو مراد الله تعالى منه، قالوا: لأن الأجر الذي حازه مع الخطأ إنما كان لأجل الإصابة للحق. قالوا: وتسميته مخطئا؛ لأن الكلام وارد في حق من اجتهد وأخطأ النص بغير تعمد، لا في الحكم الذي لا نص فيه. وقال