الحديث فيه دلالة على ثبوت الحضانة للأم الكافرة وإن كان ولدها مسلمًا، فإن التخيير دليل ثبوت الحق، فلو كان لا حق لها في الحضانة لم يخير الصغير، وقد ذهب أهل الرأي وابن القاسم وأبو ثور إلى هذا، وذهب الجمهور إلى أنه لا حضانة للكافرة على ولدها المسلم، قالوا: لأن الحاضن حريص على تربية الطفل على دينه، وأن ينشأ عليه، فيصعب بعد كبره وعقله انتقاله عنه، وقد يغيره عن فطرة الله التي فطر عليها عباده، ولأن الله سبحانه قطع الموالاة بين المسلمين والكفار، وجعل المسلمين بعضهم أولياء بعض. وأجابوا عن الحديث بما عرفت من التضعيف وبما فيه من الاضطراب، فروي أنه كان الخير ابنًا، وروي بنتًا، وقال إمام الحرمين: إن هذه القصة كانت في مولود غير مميز. والجواب غير مفيد، فإن المانعين لم يفرقوا، وبالنسخ قال القاضي مُجَلِّي، ولعل النسخ وقع بقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلً} (?). وبأنه هو قد عرف أن دعاءه يستجاب، وأن الصبي يختار الأب، ولا يخفى بُعدُ الأجوبة، وأن أشدها تضعيف الحديث، ومن العجب أن المثبتين لحضانة الكافرة لا يثبتون حضانة الفاسق، وقد اشترط العدالة وعدم الفسق أصحاب أحمد والشافعي والهدوية وغيرهم، واشتراطها في غاية البعد، ولو اشترط في الحاضن العدالة لضاع أطفال العالم ولعظمت المشقة على الأمة واشتد العنت، ولم يزل من [حين] (أ) ظهر الإسلام إلى أن تقوم الساعة أطفال الفساق بينهم لا يتعرض