والجواب عن ذلك، بأن الإمام أحمد أنكر هذه الزيادة من قول عمر، وجعل يتبسم ويقول: أين في كتاب الله إيجاب النفقة والسكنى للمطلقة ثلاثًا؟ وقال: لا يصح هذا عن عمر. قاله أبو الحسن الدارقطني، وأما حديث إبراهيم النخعي الذي مر، فإبراهيم لم يسمعه من عمر، فإنه لم يولد إلا بعد موت عمر بسنين، فذلك على تقدير ثبوته لا يكون إلا بواسطة، والواسطة قد تكون ممن قصر حفظه وثقته في رواية الحديث، ولو كان ذلك ثابتًا لروي لفاطمة في دفع حديثها وانقطعت حجتها. وقد تناظر في هذه المسألة ميمون بن مهران وسعيد بن المسيب، فذكر له ميمون حديث فاطمة، فقال له سعيد: تلك امرأة فتنت الناس. فقال له ميمون: لئن كانت إنما أخذت بما أفتاها به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فتنت الناس، وإن لنا في رسول الله أسوة حسنة. مع أن حديث فاطمة احتج به جماعة من الفقهاء في عدة أحكام، فمالك والشافعي وجمهور الأمة يحتجون به في سقوط نفقة المبتوتة إذا كانت حائلًا، والشافعي نفسه احتج به على جواز جمع الثلاث؛ لأن في بعض ألفاظه؛ فطلقني ثلاثًا. واحتج به من يرى جواز نظر المرأة إلى الرجال، واحتج به الأئمة كلهم على جواز خطبة الرجل على خطبة أخيه إذا لم تكن المرأة قد سكنت إلى الخاطب الأول، وعلى جواز ذكر ما في الرجل إذا كان على وجه النصيحة لمن استشاره أن يزوجه أو يعامله أو يسافر معه، وأن ذلك ليس بغيبة، وعلى جواز نكاح القرشية من غير القرشي، وعلى وقوع الطلاق وإن لم يكن الزوج حاضرًا عند الزوجة، وعلى