وإن أفطر لعذر مأيوس ثم زال بنى على صومه عند الهدوية ومالك وأحمد وأحد قولي الشافعي، وقال أبو حنيفة وللشافعي: بل يستأنف لاختياره التفريق. قلنا: العذر صيره كغير الختار. وإن كان العذر مرجوًّا، فكذلك يبني (أ) عليه عند أبي طالب وأبي العباس. وقال المؤيد بالله والإمام يحيى والناصر: لا يبني عليه، لأن الرجاء صيره كالمختار. والجواب أنه لا اختيار مع العذر.
واعلم أن ظاهر قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ}. أنه لا يعدل إلى الصوم [إلا] (ب) إذا لم يجد الرقبة، وأما إذا وجدها وإن كان يحتاجها لخدمته للعجز، فلا يصح منه الصوم، ولا يقاس ما هنا على التيمم، فإنه يصح وإن وجد الماء إذا احتيج إليه، وذلك لأن التيمم قد شرع مع العذر، فكأن الاحتياج إليه كالعذر. والصوم قال سبحانه فيه: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ}. ومن له عذر كالزمانة والمرض، هو غير مستطيع، فيجوز له العدول إلى الإطعام، إلا أن ظاهر حديث أوس أن شدة الشبق إلى الجماع يكون عذرًا في العدول إلى الإطعام وإن لم يحصل عليه ضرر في تركه، وللشافعية في ذلك نظر، هل يكون عذرًا حتى يعد صاحبه غير مستطيع للصوم أو لا؟ والصحيح عندهم اعتبار ذلك، ويلحق به من يجد رقبة لا غناية عنها، فإنه يسوغ له الانتقال إلى الصوم مع وجودها؛ لكونه في حكم غير الواجد.