يرى الميراث بين الزوجين بغير ولي، وأنه يجوز للمرأة غير الشريفة أن تستخلف رجلًا من النَّاس على نكاحها، فكأنه عنده مِن شروط التمام لا مِن شروط الصحة، بخلاف عبارة البغداديين مِن أصحاب مالك، أعني أنهم يقولون: إنَّها من شروط الصحة لا من شروط التمام. وسبب الاختلاف؛ أنَّه لم تأت آية ولا سنة ظاهرة في اشتراط الولاية في النكاح فضلًا عن أن يكون في ذلك نصٌّ، بل الآيات (أ) والسنن التي جرت العادة بالاحتجاج بها عند من يشترطها هي كلها محتملة في ذلك، وإن كان المسقط لها ليس عليه دليل؛ لأنَّ الأصل براءة الذمة، ونحن نورد ما احتج به الفريقان، ونبين وجه الاحتمال في ذلك، فمن أظهر ما يحتج به من الكتاب في اشتراط الولاية قوله تعالى: [{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ] (ب) أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (?). قالوا: وهذا خطاب للأولياء، ولو لم يكن لهم حق في الولاية لما نهوا عن العضل. وقوله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} (?). وهذا أيضًا خطاب للأولياء، ومن أشهر ما احتج به هؤلاء من الأحاديث ما رواه الزُّهريّ عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، ثلاث مرات، وإن دخل بها فلها المهر بما أصاب منها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي مَن لا ولي لها".