قالت: فحج بنا جميعًا إلا زينب كانت ماتت، وإلا سودة فإنها لم تخرج من بيتها بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتأولن قوله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع: "هذه ثم ظهور الحصر" (?) بأنه لا واجب عليهن غيرها إلا المنع من الحج مطلقًا، وحمل ذلك على ظاهره زينب وسودة وأن المراد أن لا يخرجن من بيوتهن ويلزمن الحُصْر، وهو جمع حصير: الذي يبسط في البيوت بضم الحاء والصاد وسكن تخفيفًا، ويدل على التأويل إجماع الصحابة على جواز حجهن ولم ينكر أحد ذلك مع أن عمر قد كان سبق منه المنع ثم أذن لهن في آخر حجة حجها، ولعله كان قد ذهب إلى المنع ثم رجح عنده التأويل. قوله: "فقال رجل" قال المصنف -رحمة الله عليه (?) -: لم أقف على اسم الرجل ولا على اسم امرأته ولا على تعيين الغزوة المذكورة، والظاهر أن ذلك كان في حجة الوداع، وقد يؤخذ منه أن الحج على التراخي لأنه اكتتب هو مع الرفقة وعزم على ترك الحج.
ويجاب أنه يجوز أن يكون قد أسقط فرضه في السنة الأولى التي حج فيها أبو بكر الصديق أو أنه قد كان تعين عليه الجهاد بتعيين النبي - صلى الله عليه وسلم - أو الأمير، وهو تقدم الجهاد على الحج لذلك (أ). وقوله: "فحج مع امرأتك" قد يتمسك به من يقول: إنه يجب على الزوج الخروج مع زوجته إلى الحج إذا لم يكن لها غيره وهو قول أحمد ووجه للشافعية (ب)، وقول الأكثر بخلافه ولعلهم يحملون الأمر على الندب والقرينة على ذلك