قَالَ لِجَبَلٍ: زُلْ. لَزَالَ. فَتَحَرَّكَ الْجَبَلُ تَحْتَهُ، فَرَكَلَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ: اسْكُنْ، فَإِنَّمَا ضَرَبْتُكَ مَثَلًا لِأَصْحَابِي. وَفِي رِوَايَةٍ: وَكَانَ الْجَبَلُ أَبَا قُبَيْسٍ.
وَرَكِبَ مَرَّةً سَفِينَةً، فَأَخَذَهُمُ الْمَوْجُ ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَلَفَّ إِبْرَاهِيمُ رَأْسَهُ بِكِسَائِهِ، وَاضْطَجَعَ، وَعَجَّ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ بِالضَّجِيجِ، وَأَيْقَظُوهُ، وَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ الشِّدَّةِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَذِهِ شِدَّةً، إِنَّمَا الشِّدَّةُ الْحَاجَةُ إِلَى النَّاسِ. ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَرَيْتَنَا قُدْرَتَكَ فَأَرِنَا عَفْوَكَ. فَصَارَ الْبَحْرُ كَأَنَّهُ قَدَحُ زَيْتٍ.
وَكَانَ قَدْ طَالَبَهُ صَاحِبُ السَّفِينَةِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ دِينَارَيْنِ، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَخَرَجَ مَعَهُ مَرَّةً إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ: أَيْنَ الدِّينَارَانِ. فَتَوَضَّأَ إِبْرَاهِيمُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا، فَإِذَا مَا حَوْلَهُ قَدْ مُلِئَ دَنَانِيرَ، فَقَالَ لَهُ خُذْ حَقَّكَ، وَلَا تَزِدْ، وَلَا تَذْكُرْ هَذَا لِأَحَدٍ.
وَعَنْ حُذَيْفَةَ الْمَرْعَشِيِّ قَالَ: أَوَيْتُ أَنَا وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ إِلَى مَسْجِدٍ خَرَابٍ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ قَدْ مَضَى عَلَيْنَا أَيَّامٌ لَمْ نَأْكُلْ فِيهَا شَيْئًا، فَقَالَ لِي: كَأَنَّكَ جَائِعٌ. قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَخَذَ رُقْعَةً فَكَتَبَ فِيهَا: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَنْتَ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ، الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَعْنًى:
أَنَا حَامِدٌ أَنَا شَاكِرٌ أَنَا ذَاكِرٌ ... أَنَا جَائِعٌ أَنَا نَائِعٌ أَنَا عَارِي