سَجَنْتَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ؟ قَالَ: مَا سَجَنْتُهُ. قَالُوا: بَلَى، هُوَ فِي سِجْنِكَ. فَاسْتَحْضَرَهُ، فَقَالَ: عَلَامَ حُبِسْتَ؟ فَقَالَ: سَلِ الْمَسْلَحَةَ، قَالُوا: أَنْتَ عَبْدٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ. قَالُوا: وَأَنْتَ آبِقٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَأَنَا عَبْدٌ آبِقٌ مِنْ ذُنُوبِي. فَخَلَّى سَبِيلَهُ.
وَذَكَرُوا أَنَّهُ مَرَّ مَعَ رُفْقَةٍ، فَإِذَا الْأَسَدُ عَلَى الطَّرِيقِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ فَقَالَ لَهُ: يَا قَسْوَرَةُ، إِنْ كُنْتَ أُمِرْتَ فِينَا بِشَيْءٍ فَامْضِ لِمَا أُمِرْتَ بِهِ، وَإِلَّا فَعَوْدَكَ عَلَى بَدْئِكَ. قَالُوا: فَوَلَّى السَّبُعُ ذَاهِبًا يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ احْرُسْنَا بِعَيْنِكَ الَّتِي لَا تَنَامُ، وَاكْنُفْنَا بِرُكْنِكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَارْحَمْنَا بِقُدْرَتِكَ عَلَيْنَا، وَلَا نَهْلِكُ وَأَنْتَ رَجَاؤُنَا، يَا اللَّهُ، يَا اللَّهُ، يَا اللَّهُ. قَالَ خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ: فَمَا زِلْتُ أَقُولُهَا مُنْذُ سَمِعْتُهَا فَمَا عَرَضَ لِي لِصٌّ وَلَا غَيْرُهُ.
وَقَدْ رُوِيَ لِهَذَا شَوَاهِدُ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَجَاءَهُ أُسْدٌ ثَلَاثَةٌ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَحَدُهُمْ، فَشَمَّ ثِيَابَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ، فَرَبَضَ قَرِيبًا مِنْهُ، وَجَاءَ الثَّانِي فَفَعَلَ مِثْلَ كَذَلِكَ، وَجَاءَ الثَّالِثُ فَفَعَلَ كَذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ إِبْرَاهِيمُ فِي صِلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَ وَقْتُ السَّحَرِ قَالَ لَهُمْ: إِنْ كُنْتُمْ أُمِرْتُمْ بِشَيْءٍ فَهَلُمَّ، وَإِلَّا فَانْصَرِفُوا. فَانْصَرَفُوا.
وَصَعِدَ مَرَّةً جَبَلًا بِمَكَّةَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَقَالَ لَهُمْ: لَوْ أَنَّ وَلِيًّا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ