هِيَ سِتَّةٌ وَأَنَا الضَّمِينُ لِنِصْفِهَا
فَكُنِ الضَّمِينَ لِنِصْفِهَا يَا بَارِي ... مَدْحِي لِغَيْرِكَ وَهْجُ نَارٍ خُضْتُهَا
فَأَجِرْ عُبَيْدَكَ مِنْ دُخُولِ النَّارِ
ثُمَّ قَالَ لِي: اخْرُجْ وَلَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَادْفَعْ هَذِهِ الرُّقْعَةَ لِأَوَّلِ رَجُلٍ تَلْقَاهُ. فَخَرَجْتُ فَإِذَا رَجُلٌ عَلَى بَغْلَةٍ، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَلَمَّا قَرَأَهَا بَكَى، وَدَفَعَ إِلَيَّ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ وَانْصَرَفْتُ فَسَأَلْتُ رَجُلًا: مَنْ هَذَا الَّذِي عَلَى الْبَغْلَةِ؟ فَقَالَ: هُوَ رَجُلٌ نَصْرَانِيٌّ. فَجِئْتُ إِبْرَاهِيمَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: الْآنَ يَجِيءُ فَيُسْلِمُ. فَمَا كَانَ غَيْرَ قَرِيبٍ حَتَّى جَاءَ، فَأَكَبَّ عَلَى رَأْسِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَسْلَمَ.
وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ: دَارُنَا أَمَامَنَا، وَحَيَاتُنَا بَعْدَ وَفَاتِنَا، فَإِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ.
وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ: مَثِّلْ لِبَصَرِ قَلْبِكَ حُضُورَ مَلَكِ الْمَوْتِ وَأَعْوَانِهِ لَقَبْضِ رُوحِكَ، وَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ، وَمَثِّلْ لَهُ هَوْلَ الْمَطْلَعِ وَمُسَاءَلَةَ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، وَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ، وَمَثِّلْ لَهُ الْقِيَامَةَ وَأَهْوَالَهَا وَأَفْزَاعَهَا وَالْعَرْضَ وَالْحِسَابَ، وَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ. ثُمَّ صَرَخَ صَرْخَةً خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ.
وَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ فَقَالَ لَهُ: لَا تَطْمَعْ فِيمَا لَا يَكُونُ، وَلَا تَيْأَسْ مِمَّا يَكُونُ. فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ هَذَا يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟ فَقَالَ: لَا تَطْمَعْ فِي الْبَقَاءِ وَالْمَوْتُ يَطْلُبُكَ، فَكَيْفَ يَضْحَكُ مَنْ يَمُوتُ وَلَا يَدْرِي أَيْنَ يَذْهَبُ; إِلَى