بَيْضَاءَ مُحْكَمَةً كَأَنَّ قَتِيرَهَا ... حَدَقُ الْجَنَادِبِ ذَاتَ شكّ موثق
جدلاء يحفرها نِجَادُ مُهَنَّدٍ ... صَافِي الْحَدِيدَةِ صَارِمٍ ذِي رَوْنَقِ
تِلْكُمْ مَعَ التَّقْوَى تَكُونُ لِبَاسَنَا ... يَوْمَ الْهِيَاجِ وَكُلَّ سَاعَةِ مَصْدَقِ
نَصِلُ السُّيُوفَ إِذَا قَصَرْنَ بِخَطْوِنَا ... قُدُمًا وَنُلْحِقُهَا إِذَا لَمْ تَلْحَقِ
فَتَرَى الْجَمَاجِمَ ضَاحِيًا هَامَاتُهَا ... بَلْهَ الْأَكُفَّ كَأَنَّهَا لَمْ تُخْلَقِ
نَلْقَى الْعَدُوَّ بِفَخْمَةٍ مَلْمُومَةٍ ... تَنْفِي الْجُمُوعَ كَقَصْدِ رَأَسِ الْمُشْرِقِ
وَنُعِدُّ لِلْأَعْدَاءِ كُلَّ مُقَلَّصٍ ... وَرْدٍ وَمَحْجُولِ الْقَوَائِمِ أَبْلَقِ
تَرْدِي بِفُرْسَانٍ كَأَنَّ كُمَاتَهُمْ ... عِنْدَ الْهِيَاجِ أُسُودُ طَلٍّ مُلْثِقِ
صُدُقٍ يُعَاطُونَ الْكُمَاةَ حُتُوفَهُمْ ... تَحْتَ الْعَمَايَةِ بِالْوَشِيجِ الْمُزْهِقِ
أَمَرَ الْإِلَهُ بِرَبْطِهَا لِعَدُوِّهِ ... فِي الْحَرْبِ إِنَّ اللَّهَ خَيْرُ مُوَفِّقِ
لِتَكُونَ غَيْظًا لِلْعَدُوِّ وَحُيَّطًا ... لِلدَّارِ إِنْ دَلَفَتْ خُيُولُ النُّزَّقِ
وَيُعِينُنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ بِقُوَّةٍ ... مِنْهُ وَصِدْقِ الصَّبْرِ سَاعَةَ نَلْتَقِي
وَنُطِيعُ أَمْرَ نَبِيِّنَا وَنُجِيبُهُ ... وَإِذَا دَعَا لِكَرِيهَةٍ لم نسبق
ومتى ينادى للشدائد نَأْتِهَا ... وَمَتَى نَرَى الْحَوْمَاتِ فِيهَا نُعْنِقِ
مَنْ يَتَّبِعْ قَوْلَ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ ... فَينَا مُطَاعُ الْأَمْرِ حَقُّ مُصَدَّقِ
فَبِذَاكَ يَنْصُرُنَا وَيُظْهِرُ عِزَّنَا ... وَيُصِيبُنَا مِنْ نَيْلِ ذَاكَ بِمِرْفَقِ
إِنَّ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ مُحَمَّدًا ... كَفَرُوا وَضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ الْمُتَّقِي
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا:
لَقَدْ عَلِمَ الْأَحْزَابُ حِينَ تَأَلَّبُوا ... عَلَيْنَا وَرَامُوا دِينَنَا مَا نُوَادِعُ
أَضَامِيمُ مِنْ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ أَصْفَقَتْ ... وَخِنْدِفَ لَمْ يَدْرُوا بِمَا هُوَ وَاقِعُ
يَذُودُونَنَا عَنْ دِينِنَا وَنَذُودُهُمْ ... عَنِ الْكُفْرِ وَالرَّحْمَنُ رَاءٍ وَسَامِعُ
إِذَا غَايَظُونَا فِي مَقَامٍ أَعَانَنَا ... عَلَى غَيْظِهِمْ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَاسِعُ
وَذَلِكَ حِفْظُ اللَّهِ فِينَا وَفَضْلُهُ ... عَلَيْنَا وَمَنْ لَمْ يَحْفَظِ اللَّهُ ضَائِعُ
هَدَانَا لِدِينِ الْحَقِّ واختاره لنا ... وللَّه فوق الصانعين صانع
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ- يَعْنِي طَوِيلَةً- قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ فِي مَقْتَلِ بَنِي قُرَيْظَةَ:
لقد لقيت قريظة ما ساءها ... وَمَا وَجَدَتْ لِذُلٍّ مِنْ نَصِيرِ