ونزائعا مثل السراج نَمَى بِهَا ... عَلَفُ الشَّعِيرِ وَجَزَّةُ الْمِقْضَابِ
عَرِيَ الشوى منها وأردف نحضها ... جرد المنون وسائر الآراب
قودا تراح الى الصباح إِذَا غَدَتْ ... فِعْلَ الضِّرَاءِ تَرَاحُ لِلْكَلَّابِ
وَتَحُوطُ سائمة الديار وتارة ... تردى العدي وَتَئُوبُ بِالْأَسْلَابِ
حُوشَ الْوُحُوشِ مُطَارَةً عِنْدَ الْوَغَى ... عُبْسَ اللِّقَاءِ مُبِينَةَ الْإِنْجَابِ
عُلِفَتْ عَلَى دَعَةٍ فَصَارَتْ بُدَّنًا ... دُخْسَ الْبَضِيعِ خَفِيفَةَ الْأَقْصَابِ
يَغْدُونَ بِالزَّغْفِ الْمُضَاعَفِ شَكُّهُ ... وَبِمُتْرَصَاتٍ فِي الثِّقَافِ صِيَابِ
وَصَوَارِمٍ نَزَعَ الصَّيَاقِلُ عَلْبَهَا ... وَبِكُلِّ أَرْوَعَ مَاجِدِ الْأَنْسَابِ
يَصِلُ الْيَمِينَ بِمَارِنٍ مُتَقَارِبٍ ... وُكِلَتْ وَقِيعَتُهُ إِلَى خَبَّابِ
وَأَغَرَّ أَزْرَقَ فِي الْقَنَاةِ كَأَنَّهُ ... فِي طُخْيَةِ الظَّلْمَاءِ ضَوْءُ شِهَابِ
وَكَتِيبَةٍ يَنْفِي الْقِرَانَ قَتِيرُهَا ... وَتَرُدُّ حَدَّ قَوَاحِزِ النُّشَّابِ
جَأْوَى ململمة كأن رماحها ... في كل مجمعة صريمة غَابِ
تَأْوِي إِلَى ظِلِّ اللِّوَاءِ كَأَنَّهُ ... فِي صَعْدَةِ الْخَطِّيِّ فَيْءُ عُقَابِ
أَعْيَتْ أَبَا كَرْبٍ وَأَعْيَتْ تُبَّعًا ... وَأَبَتْ بَسَالَتُهَا عَلَى الْأَعْرَابِ
وَمَوَاعِظٌ مِنْ رَبِّنَا نُهْدَى بِهَا ... بِلِسَانِ أَزْهَرَ طَيِّبِ الْأَثْوَابِ
عُرِضَتْ عَلَيْنَا فَاشْتَهَيْنَا ذِكْرَهَا ... مِنْ بَعْدِ مَا عُرِضَتْ عَلَى الْأَحْزَابِ
حِكَمًا يَرَاهَا الْمُجْرِمُونَ بِزَعْمِهِمْ ... حَرَجًا وَيَفْهَمُهَا ذَوُو الْأَلْبَابِ
جَاءَتْ سَخِينَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا ... فَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الْغَلَّابِ
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَمَّا سَمِعَ مِنْهُ هَذَا الْبَيْتَ: لَقَدْ شَكَرَكَ اللَّهُ يَا كَعْبُ عَلَى قَوْلِكَ هَذَا. قُلْتُ وَمُرَادُهُ بِسَخِينَةَ قُرَيْشٌ وَإِنَّمَا كَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّيهِمْ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِمُ الطَّعَامَ السُّخْنَ الَّذِي لَا يَتَهَيَّأُ لِغَيْرِهِمْ غَالِبًا مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي فاللَّه أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا:
مَنْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُمَعْمِعُ بَعْضُهُ ... بَعْضًا كمعمعة الإناء الْمُحْرَقِ
فَلْيَأْتِ مَأْسَدَةً تَسُنُّ سُيُوفَهَا ... بَيْنَ الْمَذَادِ وبين جذع الْخَنْدَقِ
دَرِبُوا بِضَرْبِ الْمُعْلِمِينَ وَأَسْلَمُوا ... مُهَجَاتِ أَنْفُسِهِمْ لِرَبِّ الْمَشْرِقِ
فِي عُصْبَةٍ نَصَرَ الْإِلَهُ نَبِيَّهُ ... بِهَمُ وَكَانَ بِعَبْدِهِ ذَا مَرْفَقِ
فِي كُلِّ سابغة تخط فُضُولُهَا ... كَالنَّهْيِ هَبَّتْ رِيحُهُ الْمُتَرَقْرِقِ