أَصَابَهُمُ بَلَاءٌ كَانَ فِيهِ ... سِوَى مَا قَدْ أَصَابَ بَنِي النَّضِيرِ

غَدَاةَ أَتَاهُمُ يَهْوِي إِلَيْهِمْ ... رَسُولُ اللَّهِ كَالْقَمَرِ الْمُنِيرِ

لَهُ خَيْلٌ مُجَنَّبَةٌ تَعَادَى ... بِفُرْسَانٍ عَلَيْهَا كَالصُّقُورِ

تَرَكْنَاهُمْ وَمَا ظَفِرُوا بشيء ... دماؤهم عليها كالعمير

فَهُمْ صَرْعَى تَحُومُ الطَّيْرُ فِيهِمُ ... كَذَاكَ يُدَانُ ذُو الْعِنْدِ الْفَجُورِ

فَأَنْذِرْ مِثْلَهَا نُصْحًا قُرَيْشًا ... مِنَ الرَّحْمَنِ إِنْ قَبِلَتْ نَذِيرِي

قَالَ وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ:

تعاقد مَعْشَرٌ نَصَرُوا قُرَيْشًا ... وَلَيْسَ لَهُمْ بِبَلْدَتِهِمْ نَصِيرُ

هُمُ أُوتُوا الْكِتَابَ فَضَيَّعُوهُ ... وَهُمْ عُمْيٌ مِنَ التَّوْرَاةِ بُورُ

كَفَرْتُمْ بِالْقُرَانِ وَقَدْ أُتِيتُمْ ... بِتَصْدِيقِ الَّذِي قَالَ النَّذِيرُ

فَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لوى ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ

فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ:

أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ... وَحَرَّقَ فِي طَوَائِفِهَا السَّعِيرُ

سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ ... وَتَعْلَمُ أَيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ

فَلَوْ كَانَ النَّخِيلُ بِهَا رِكَابًا ... لَقَالُوا لَا مُقَامَ لَكُمْ فَسِيرُوا

قُلْتُ: وَهَذَا قَالَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بَعْضُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ جَوَابَ حَسَّانَ فِي ذَلِكَ لِجَبَلِ بْنِ جَوَّالٍ الثَّعْلَبِيِّ تَرَكْنَاهُ قَصْدًا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا يَبْكِي سَعْدًا وَجَمَاعَةً مِمَّنِ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ:

أَلَا يَا لَقَوْمِي هَلْ لِمَا حُمَّ دَافِعُ ... وَهَلْ مَا مَضَى مِنْ صَالِحِ الْعَيْشِ رَاجِعُ

تَذَكَّرْتُ عَصْرًا قَدْ مَضَى فَتَهَافَتَتْ ... بَنَاتُ الْحَشَا وَانْهَلَّ مِنِّي الْمَدَامِعُ

صَبَابَةُ وَجْدٍ ذَكَّرَتْنِيَ إِخْوَةً ... وَقَتْلَى مَضَى فِيهَا طُفَيْلٌ وَرَافِعُ

وَسَعْدٌ فَأَضْحَوْا فِي الْجِنَانِ وَأَوْحَشَتْ ... مَنَازِلُهُمْ فَالْأَرْضُ مِنْهُمْ بَلَاقِعُ

وَفَوْا يَوْمَ بَدْرٍ لِلرَّسُولِ وَفَوْقَهُمْ ... ظِلَالُ الْمَنَايَا وَالسُّيُوفُ اللَّوَامِعُ

دَعَا فَأَجَابُوهُ بِحَقٍّ وَكُلُّهُمْ ... مُطِيعٌ لَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ وَسَامِعُ

فَمَا نَكَلُوا حَتَّى تَوَالَوْا جَمَاعَةً ... وَلَا يَقْطَعُ الْآجَالَ إِلَّا الْمَصَارِعُ

لِأَنَّهُمُ يَرْجُونَ مِنْهُ شَفَاعَةً ... إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا النَّبِيُّونَ شَافِعُ

فَذَلِكَ يَا خَيْرَ الْعِبَادِ بَلَاؤُنَا ... إِجَابَتُنَا للَّه وَالْمَوْتُ ناقع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015