مِنْ كُلِّ سَلْهَبَةٍ وَأَجْرَدَ سَلْهَبٍ ... كَالسِّيدِ بَادَرَ غَفْلَةَ الرُّقَّابِ

جَيْشٌ عُيَيْنَةُ قَاصِدٌ بِلِوَائِهِ ... فِيهِ وَصَخْرٌ قَائِدُ الْأَحْزَابِ

قَرْمَانِ كَالْبَدْرَيْنِ أَصْبَحَ فِيهِمَا ... غَيْثُ الْفَقِيرِ وَمَعْقِلُ الْهُرَّابِ

حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَدَوْا ... لِلْمَوْتِ كُلَّ مُجَرَّبٍ قَضَّابِ

شَهْرًا وَعَشْرًا قَاهِرِينَ مُحَمَّدًا ... وَصِحَابَهُ فِي الْحَرْبِ خَيْرُ صِحَابِ

نَادَوْا بِرِحْلَتِهِمْ صَبِيحَةَ قُلْتُمُ ... كِدْنَا نَكُونُ بِهَا مَعَ الْخُيَّابِ

لَوْلَا الْخَنَادِقُ غَادَرُوا مِنْ جمعهم ... قتلى لطير سغّب وذئاب

قال فأجاب حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ:

هَلْ رَسْمُ دَارِسَةِ الْمُقَامِ يَبَابِ ... مُتَكَلِّمٌ لِمُحَاوِرٍ بِجَوَابِ

قَفْرٌ عَفَا رِهَمُ السَّحَابِ رُسُومَهُ ... وَهُبُوبُ كُلِّ مُطِلَّةٍ مِرْبَابِ

وَلَقَدْ رَأَيْتُ بِهَا الْحُلُولَ يزينهم ... بيض الوجوه ثواقب الاحساب

فدع الدِّيَارَ وَذِكْرَ كُلِّ خَرِيدَةٍ ... بَيْضَاءَ آنِسَةِ الْحَدِيثِ كَعَابِ

وَاشْكُ الْهُمُومَ إِلَى الْإِلَهِ وَمَا تَرَى ... من معشر ظلموا الرسول غضاب

ساروا بأجمعهم إِلَيْهِ وَأَلَّبُوا ... أَهْلَ الْقُرَى وَبِوَادِيَ الْأَعْرَابِ

جَيْشٌ عُيَيْنَةُ وَابْنُ حَرْبٍ فِيهِمُ ... مُتَخَمِّطُونَ بِحَلْبَةِ الْأَحْزَابِ

حَتَّى إِذَا وَرَدُوا الْمَدِينَةَ وَارْتَجَوْا ... قَتْلَ الرَّسُولِ وَمَغْنَمَ الْأَسْلَابِ

وَغَدَوْا عَلَيْنَا قَادِرِينَ بِأَيْدِهِمْ ... رُدُّوا بِغَيْظِهِمُ عَلَى الْأَعْقَابِ

بِهُبُوبِ مُعْصِفَةٍ تُفَرِّقُ جَمْعَهُمْ ... وَجُنُودِ رَبِّكَ سَيِّدِ الْأَرْبَابِ

فَكَفَى الْإِلَهُ الْمُؤْمِنِينَ قِتَالَهُمْ ... وَأَثَابَهُمْ فِي الْأَجْرِ خَيْرَ ثَوَابِ

مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا فَفَرَّقَ جَمْعَهُمْ ... تَنْزِيلُ نَصْرِ مَلِيكِنَا الْوَهَّابِ

وَأَقَرَّ عَيْنَ مُحَمَّدٍ وَصِحَابِهِ ... وَأَذَلَّ كُلَّ مُكَذِّبٍ مُرْتَابِ

عَاتِي الْفُؤَادِ مُوَقَّعٍ ذِي رِيبَةٍ ... فِي الْكُفْرِ لَيْسَ بِطَاهِرِ الْأَثْوَابِ

عَلِقَ الشَّقَاءُ بِقَلْبِهِ فَفُؤَادُهُ ... فِي الْكُفْرِ آخِرَ هَذِهِ الْأَحْقَابِ

قَالَ وَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا فَقَالَ:

أَبْقَى لَنَا حَدَثُ الْحُرُوبِ بَقِيَّةً ... مِنْ خَيْرِ نِحْلَةِ رَبِّنَا الْوَهَّابِ

بيضاء مشرفة الّذي وَمَعَاطِنًا ... حُمَّ الْجُذُوعِ غَزِيرَةَ الْأَحْلَابِ

كَاللُّوبِ يُبْذَلُ جَمُّهَا وَحَفِيلُهَا ... لِلْجَارِ وَابْنِ الْعَمِّ وَالْمُنْتَابِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015