البخلاء للجاحظ (صفحة 257)

يقصّر دونه العيال وقد قال الحسن: «ما عال أحد قط عن قصده» .

وقيل لشيخ من أهل البصرة: «مالك لا ينمى لك مال» ؟ قال: «لأني اتخذت العيال قبل المال، واتخذ الناس المال قبل العيال» ، وقد رأيت من تقدم عياله ماله فجبره الإصلاح، ورفده الإقتصاد، وأعانه حسن التدبير، ولم أر لشهواتي تدبيرا، ولا لشرهي صبرا. وقال إياس بن معاوية «1» : «إن الرجل يكون عليه ألف فيصلح فتصلح له الغلة، ويكون عليه ألفان فينفق ألفين فيصلح فتصلح له الغلة، فيكون عليه ألفان فينفق ثلاثة آلاف فيبيع العقار في فضل النفقة «2» » . وذكر الحديث عن أبي لينة «3» ، قال: كنت أرى زيادا وهو أمير يمرّ بنا على بغلة في عنقها حبل من ليف مدرج «4» على عنقها» . وكان سلم بن قتيبة يركب بغلة وحده، ومعه أربعة آلاف مرابطة «5» . ورآه الفضل بن عيسى على حمار، وهو أمير، فقال: «قعود نبي وبذلة جبار «6» » ، ولو شاء أبو سيّارة «7» أن يدفع بالعرب على جمل مهريّ «8» ، أو فرس عتيق لفعل، ولكنه أراد هدي الصالحين. وحمل عمر على برذون فهملج «9» تحته، فنزل عنه، فقال لأصحابه: «جنّبوني هذا الشيطان» . ثم قال لأصحابه:

«لا تطلبوا العز بغير ما أعزّكم الله به» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015